أنجزت الحكومة خطتها الاقتصادية –المالية، وعرضها كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب خطوطها العريضة على رؤساء الكتل النيابية بحضور رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واستمعا إلى ملاحظاتهم عليها، بالتوازي مع طلب دياب رسمياً من صندوق النقد الدولي مساعدة لبنان لتخطي الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي يتخبط بها في ظل استمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، هكذا باتت الأنظار تتجه الى المجتمع الدولي ومدى تلقفه للخطة وتقييمه لها في ظل الازمة الاقتصادية العالمية. وكان لافتاً عشية اجتماع بعبدا الاتصال الذي جرى بين الرئيس دياب ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا التي وصفته بالمثمر.
وفي هذا الاطار، التقت «اللواء» المستشار المالي للرئيس دياب جورج شلهوب الذي كان له مساهمة كبيرة في اعداد الخطة الاقتصادية-المالية التي وصفها بأنها «خطة شاملة»، مؤكدا انه «تمّ تضمينها كل الأفكار التي تساعد لإعادة إنعاش الاوضاع الاقتصادية، وانطلاق النظام المالي باتجاه المساعدة على تطور الانتاج في المدى المستقبلي لكي يصبح الاقتصاد اقتصادا منتجا، وهذا هو هدف الخطة، بانتظار إعادة تقييم قدرة قطاع المصارف على المساعدة لتمويل نمو الاقتصاد الوطني من خلال منحها القروض لمشاريع انتاجية صناعية وزراعية وغيرها من القطاعات».
طلبنا 10 مليارات ونتوقع 8
ووصف شلهوب الاتصال الذي جرى بين الرئيس دياب ومديرة الصندوق الدولي بالايجابي جدا، لافتا الى ان «هدفه التواصل المتكامل في فترة زمنية قصيرة مع فريق الصندوق التقني من اجل الاسراع بالمفاوضات والوصول الى النتائج المرجوة، خصوصا وأن الوقت أصبح يداهمنا ويجب قدر الامكان الاسراع للاستفادة من مساعدة الصندوق للبدء بوضع برنامجه موضع التنفيذ».
ويشرح المستشار المالي آلية التواصل مع الصندوق بالقول: «في البداية يعكف الخبراء على دراسة الخطة والاستفهام حول نقاطها، وبعد درسها وتحليلها بمساعدة الاستشاري «لازار» تصبح لديهم صورة واضحة لتكوين رؤيتهم حيث يتم وضع تصورهم واقتراحاتهم وملاحظتهم لناحية خطوط الخطة وأرقامها».
ويضيف شلهوب: «عند الوصول الى النقاط المشتركة تبدأ المفاوضات المباشرة من خلال الاجتماع مع الفريق الدولي»، ويعتبر انه «في الوقت الراهن لا يزال الوقت مبكرا للبدء بهذه الاجتماعات لانهم لا يزالون بصدد درس الخطة بشكل دقيق»، متوقعا أن يحتاج الأمر الى «بعض الوقت»، كاشفا بأنه «تمّ ابلاغ الحكومة بدراسة الخطة باسرع وقت».
ويقول شلهوب: «مقاربتنا في الخطة قريبة جدا للتصور الذي يتم وضعه عادة من قبل الصندوق، اي ان الخطة مشابهة لما يمكن اقتراحه من قبل القيمين عليه وذلك بهدف اختصار الوقت»، واعتبر ان «تنفيذ البرنامج يحتاج الى خطوات كبيرة»، متوقعا ان «تكون مساعدة الصندوق للبنان بين 8 و10 مليار دولار وذلك بضخ الاموال حسب البنود الموضوعة للتنفيذ والمراحل بحيث يتم اعطاء لبنان الاموال اللازمة المخصصة لكل قطاع حسب اجزاء الخطة»، وكشف ان «الصندوق هو من سيراقب كيفية ادارة الاموال وصرفها وليس كما كان يحصل بالماضي حيث يتم تقديم المساعدات للبنان على شكل شيكات ويتم صرفها بطرق عشوائية ويتم اضاعتها».
تغيير النموذج الاقتصادي!
وحول صحة الكلام عن ان الخطة ستغيّر وجه لبنان الاقتصادي والمالي، خصوصا بعد رفضها من قبل جمعية المصارف والهيئات الاقتصادية، يعتبر شلهوب ان «المصارف ترفض الخطة لأسباب خاصة بها لأن تنظيف النظام المصرفي الذي نقترحه لا يناسب المصارف الذين جنوا أرباحاً تتخطى المنطق عبر السنوات الماضية، وهذه السياسة أوصلتنا الى ما نحن عليه الان لذلك لا يمكن الاستمرار باتباع هذا النظام».
اما بالنسبة الى الهيئات الاقتصادية يقول شلهوب: «نحن على استعداد للاستماع الى اسباب رفضهم اذا كانت الاسباب تقنية، ولكن اعتقد ان رفض الخطة هو لاسباب سياسية، خصوصا اننا خلال 24 يوما عقدنا اجتماعات مع جميع الجهات لاطلاعهم عليها قبل اقرارها»، مؤكداً أن «الخطة ستعمل على تغّيير وجه لبنان الاقتصادي الى الافضل، لانه لا يمكن ان يستمر العمل بالسياسة المتبعة حاليا»، وشدد على «ضرورة تغيير الاقتصاد ليصبح اقتصادا منتجا لانه لا يمكن ان ينمو الاقتصاد بشكل صحي اذا لم تتخذ الاجراءات».
ماذا عن الكهرباء؟
وعن كيفية لمس المواطن لايجابيات الخطة الموضوعة، يجيب شلهوب: «فور البدء بتنفيذ الخطة سيتم اعادة ضخ السيولة في البلد من جديد، مما يعني انخفاض الانكماش الاقتصادي واعادة الحركة الاقتصادية ومن خلال تنشيط السيولة، عندها تعود ثقة المواطن بالمصارف وستعود الايداعات وتعود القروض للشركات الكبيرة والصغيرة لتفعيل الصناعة، عندها سيشعر المواطن بإيجابيات الخطة ونتائجها».
ويشير شلهوب الى ان «الخطة موضوعة من الان حتى 2025 وستظهر نتائجها بالنسبة الى الناتج الاجمالي المحلي»، لافتا الى ان «التوقعات الموجودة عن كل عام قد تتغيّير».
وعن ملف الكهرباء يعتبر شلهوب أن «القطاع يتسبب بفجوة كبيرة في ميزانية الدولة وهو موضوع أساسي وتتم معالجته»، كاشفا ان وزارة الطاقة تضع برنامجا دقيقا للمعالجة، لافتاً إلى أن «كل وزارة عليها القيام بالاصلاحات المطلوبة منها، خصوصا وأن الامل لدينا كبير بتطبيق الخطة لانها تشمل الكثير من البنود التقنية، وفي حال تم تطبيق معظم البنود سنشهد تحسنا على الصعيد الاقتصادي والنظام المالي المصرفي».
ودعا شلهوب الى «القيام بالاجراءات والاصلاحات العملية وتطبيقها»، مشددا على «أهمية المساعدة السياسية وعدم عرقلة الاصلاحات، خصوصا وأن هناك حاجة لاقرار قوانين ليتم تطبيق الخطة».