IMLebanon

تحدي الترشيحات النسائية في مجتمع بطريركي

 

ساعة التغيير في لبنان تدقّ وتبقى متوقفة. هذه هي القاعدة التي كرّستها دورات الانتخابات النيابية على مدى عقود. لكن اعتماد النظام النسبي للمرة الأولى منذ الاستقلال يوحي، نظريا، فتح نافذة للتغيير في نادي السلطة، لا في جدار النظام. والرهانات ليست واحدة. فليس أكثر من الحالمين بتغيير نحو الأفضل عبر صناديق الاقتراع سوى الخائفين من تغيير نحو الأسوأ. والامتحان يتجاوز قانون الانتخاب الى تركيبة المجتمع والتحالفات المتنقلة بين مختلفين في السياسات، والخصومات بين متفقين على المواقف.

أولا لأن النظام النسبي ملغوم بالصوت التفضيلي. وثانيا لأن بلدا مثل لبنان يحتاج حتى في ممارسة النظام النسبي الكامل الى دورات انتخابية عدة لإحداث تغيير يصنع فارقا. وثالثا لأنه لا فرق عمليا بين النظام النسبي والنظام الأكثري حين تصوّت الطوائف بالعصبيات كأنها بلوكات بدل أصوات مواطنين عاقلين أحرار هم عماد الدولة حسب أرسطو.

 

ونقطة الضعف الفاضحة بين نقاط الضعف الكثيرة في الحياة السياسية هي التقصير المستمر في توسيع الدور السياسي للنساء. فلا الأحزاب والتيارات تقدم نسبة وازنة من النساء بين مرشحيها للانتخابات. ولا هي تحمّست لإقرار كوتا نسائية لا بد منها في المراحل الأولى لضمان دور معقول للمرأة في البرلمان ثم في الحكومة. والمفارقة مذهلة، لا في المقارنة بين لبنان وبين فرنسا والمانيا وبريطانيا حيث النساء في رئاسة الحكومة ووزارات الدفاع والداخلية بل بين لبنان وشقيقاته العربيات، فضلا عن الباكستان وبنغلادش والهند والفيليبين وسري لانكا وتركيا.

تونس سبقتنا في ترشيح النساء وتوزيرهن. سوريا سبقتنا. العراق سبقنا. الامارات العربية المتحدة سبقتنا بأشواط في توزير النساء. وبلدان عدّة تتميّز بأن مجتمعاتها محافظة بدت أكثر ليبرالية منّا في تمكين المرأة. وعلى العكس، فان لبنان الذي يفاخر بأن فيه بيئات اجتماعية ليبرالية متأثرة بالحداثة والثقافة الأوروبية يتصرّف كمحافظ جدا حين يتعلق الأمر بالدور السياسي للنساء.

إذ هن حصلن على ما سمّته حنة ارندت الحق في أن تكون لك حقوق، وأخذن من زمان الحق في الاقتراع والترشح بمساواة الرجال. لكن السلوك العملي لم يسمح بأكثر من وزيرة في الحكومة أحيانا وأكثر من أربع سيدات في البرلمان. بعض التقصير يقع، حسب التبريرات، على قلّة اقتحام النساء للمسرح السياسي. والعامل الأكبر وراء التقصير يبقى النظام الطائفي الذي هو، بطبائع الأمور، نظام بطريركي.

ومن المبكر معرفة نسبة المرشحات على قوائم الأحزاب والتيارات، لا على المستوى الشخصي. لكن طلائع الترشيحات ليست مشجعة. وقمة البؤس بين الأحلام والكوابيس ان نراهن على استمرار الواقع المتردي.