IMLebanon

تحدّي الخروج اللبناني من المعادلة السلطوية

 

العراق كرّس بقرار قضائي التمسك بالمبدأ الذي صار من مطاط في لبنان: حتمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، مهما تكن الظروف والاعتبارات والحسابات. لا شرعية لمجلس نيابي يتخطى وكالته الشعبية المحددة ويزيد عمره بالتمديد، ولو بالاجماع. وليس في الديمقراطية التي هي نظام خيارات خيار اسمه اجراء أو عدم اجراء الانتخابات، لأن الذهاب الى صناديق الاقتراع قرار والتزام من الثوابت.

ومن المهمّ أن يصل لبنان أخيرا الى نقطة اللاعودة على الطريق الى الانتخابات النيابية عبر إصرار المجتمع الدولي وحرص المسؤولين الكبار على قطع الشك باليقين عمليا حول اجراء الانتخابات. ولا يبدّل في الأمر بقاء مجال لحديث التشكيك الذي له مبررات، أقلّه بالقياس على السوابق القريبة والبعيدة. ولا بأس في الاحتفال بالذهاب الى الانتخابات في موعدها المتأخّر خمس سنوات عن الموعد الدستوري، كأنه معجزة بعد عجز. لكن الأهم هو معجزة العودة الى الوضع الطبيعي الذي خرجنا منه وعليه أكثر من مرّة، مع انه من أسس النظام الديمقراطي البرلماني المنصوص عليه في دستور الطائف وما قبله منذ ١٩٢٦.

ذلك أن التمديد للمجلس النيابي بقوة الظروف الأمنية خلال حرب لبنان الطويلة لم يبق استثناء من القاعدة بمقدار ما صار خيارا مطروحا بعد الحرب. والانتخابات الرئاسية التي كنّا نسمّيها استحقاقا ونعرف قبل ست سنوات في أية ساعة تنتهي ولاية الرئيس الجالس وتبدأ ولاية الرئيس الجديد، تعطّلت في نهاية عهد الرئيس أمين الجميّل ونهاية عهد الرئيس اميل لحود ونهاية عهد الرئيس ميشال سليمان. ولعنة تعديل المادة ٤٩ من الدستور التي تمنع تجديد الولاية الرئاسية إلاّ بعد مرور ست سنوات على نهايتها، ضربت النظام ثلاث مرات: مرة بالتجديد للرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري، وثانية بالتمديد ثلاث سنوات لرئاسة الياس الهراوي، وثالثة بالتمديد ثلاث سنوات لرئاسة اميل لحود.

 

والعقدة، الى جانب الألعاب والتدخلات الخارجية، هي معادلة: لا قانون ولا انتخابات، ان لم يضمن الطرف القوي القادر على التعطيل ربح المعركة. وهذا منطق الأنظمة الشمولية أو السلطوية، لا الدديمقراطية. وقد عبّر عنه بصراحة الزعيم السوفياتي خروشوف عندما قال ان مشكلة الانتخابات في الغرب انك لا تعرف النتائج سلفا. ولا أحد يجهل لماذا ساد منطق الأنظمة السلطوية في مراحل عدّة من حياة لبنان الديمقراطية.

والتحدّي الكبير أمامنا هو العودة الى الوضع الطبيعي في الديمقراطيات: الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية، بصرف النظر عن النتائج ومن يربح ومن يخسر.