صحيحٌ أنَّ المسؤولين اللبنانيين والسياسيين سينهمكون بتتبع محادثات ولقاءات الموفد الملكي السعودي نزار العلولا لبيروت، والتي ستمتد حتى يوم الجمعة المقبل، لكنَّ الصحيح أيضاً أنَّ الملفات المتداخلة والمتلاحقة ستجعل هذا الأسبوع أسبوعاً ضاغطاً بامتياز لكثرة ما فيه من استحقاقات وفي ظلِّ وقتٍ يضيق.
الملفات السياسية متداخلة مع الملفات المعيشية ومع استحقاقات الإنتخابات النيابية:
الملف الأكثر إلحاحاً هو ملف الكهرباء، خصوصاً بعد التحدي الذي وضعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومفاده أنَّ لا جلسات عادية لمجلس الوزراء ما لم تُطرح على الطاولة قضية الكهرباء.
على رغم أهمية ملف الكهرباء، فإنَّ الملف الذي يسبقه يتمثل في ملف الموازنة العامة الذي باشرت اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة درسه أمس، المهمة ليست سهلة على الإطلاق لأنها تبحث في تحدي خفض الموازنات للوزارات بحدود 20 في المئة لكل وزارة، ولا سيَّما في الوزارات الأساسية:
الأشغال العامة والصحة والتربية والشؤون الإجتماعية والطاقة. تأتي هذه المطالبات في ظلِّ اعتراض بعض الوزراء على خفض موازنات وزاراتهم، ومطالبتهم بزيادة خصوصاً في وزارات الخدمات، ومنها وزارة الصحة التي يقول الوزير غسان حاصباني إنَّه بحاجة هذه السنة إلى زيادة 75 مليار ليرة للإستشفاء والدواء.
الكباش قاسياً بين المطالبات بالتخفيضات وبين عدم القدرة على تحقيقها:
فوزير المال علي حسن خليل أحال الموازنة كما هي من دون تعديلات، ومن دون أن تتضمن التخفيضات التي طلبتها الحكومة بنسبة 20 بالمئة، لكن هذه الإحالة دونها عقبات وملاحظات. فالخبراء الإقتصاديون والماليون يذكّرون بما كان لبنان قد تلقاه من الدول المانحة ومن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من تحذيرات مفادها أنَّ توجُّه لبنان إلى مؤتمرات الدعم بلا موازنة، هو إشارة غير إيجابية قد تؤدي إلى نتائج عكسية في غياب الإصلاحات واستمرار العجز واتساع دائرة الفساد، وفي ظلِّ عدم قدرة أجهزة الرقابة وغياب الخطط المستقبلية.
***
لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه هو:
كيف بالإمكان خفض موازنات الوزارات في ظلِّ عدم القدرة على خفض عجز الكهرباء، وهو العجز الأكبر في الموازنة طالما لا حلول متبقية سوى استئجار البواخر برغم كلفتها العالية، والتي تُصرُّ عليها أطراف رئيسية في الحكومة، فهل تصل المواجهة إلى حد التصويت على الملف؟
وما هي تبعات التصويت في حال تم اعتماده؟
***
هكذا، في الملفات المالية تبدو الأمور متداخلة مع بعضها البعض، والموضوع موضوعٌ قديم وليس منذ الأمس، فمؤتمرات باريس الثلاثة السابقة التي انعقدت منذ العام 2001، حقَّقت بعض التقدم فيما بقيت ملفات أخرى من دون إنجاز. وهكذا فإنَّ ما طلبه لبنان من المؤتمرات الثلاثة السابقة لم يصل منه أكثر من نصفه.
اليوم يطلب 16 مليار دولار، فكم سيحصل في هذه الحالة؟
لم يعد خافياً أنَّ الدول المانحة تضع شروطاً بعدد أصابع اليد الواحدة لتقديم أموال على شكل مساعدات أو هبات، فهل يستطيع لبنان الوفاء بهذه الشروط قبل الذهاب إلى باريس – 4؟
هذا هو التحدي الكبير.