البلاد غارقة في نوعين من الأرقام، أرقامُ الموازنة للعام 2017 والتي بدأت مناقشتُها أمس، وأرقام النزوح السوري إلى لبنان.
الجامع المشترك بين هذين النوعين من الأرقام إنهما يشكلان عبئاً كبيراً على اللبنانيين، عبءُ الموازنة العامة بسبب العجز المتنامي، وعبءُ النزوح السوري بسبب الأعداد الهائلة غير المسبوقة في تاريخ لبنان.
وإذا كان مجلس النواب قد وضع يده على أرقام الموازنة، ليشبعها درساً ونقاشاً للمصادقة عليها غداً الخميس، فإن أرقام النازحين تبدو بالأمر الأصعب، لأن القرار في هذا الشأن ليس بيد اللبنانيين من دون سواهم، بل هو في يد السوريين أنفسهم أولاً، ثم في يد الدول المعنية والدول الكبرى.
***
لهذا السبب استضاف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، سفراء الدول الكبرى وكشفَ أمامهم حقائقَ رقمية مخيفة من شأنها، إذا لم تُعالَج، أنْ تتسبب في خلق متاعب جمة في البلد.
في ما كشفه الرئيس عون عن كثافة عدد النازحين أنَّ نسبتهم باتت تشكل 153 نازحاً في الكيلومتر المربع، بينما لا تشكل هذه النسبة أكثر من 5 نازحين في الكيلومتر المربع في الدول الأخرى التي استقبلت نازحين.
كما أنّ نسبة النازحين بلغت 37% من سكّان لبنان أي أكثر من الثلث.
ونسبة 60% من نزلاء السجون سوريون، وهم مُتّهَمون بجرائم مختلفة، يضاف إليهم عدد المجموعات الإرهابية التي تشكّل خلايا نائمة في المخيّمات.
المساعداتُ التي تقدم للنازحين في لبنان لا تغطي تكاليف البنى التحتية للدولة، بدءاً من الإستشفاء إلى الكهرباء وغيرها… ولبنان يتحملُ كل هذه الأعباء التي يقدرها صندوق النقد الدولي بسبعة مليارات دولار سنوياً، أي ما يوازي عجز الموازنة العامة، وعلى الشعب اللبناني أنْ يتحمَلها.
فعلاً إنها أرقامٌ مخيفة، وما لم يحصل تحرك عاجل للمعالجة فإنَّ لبنان فعلاً على أبواب انفجار ديموغرافي واجتماعي، وربما لهذا يجوب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري العالم لتوفير الدعم السياسي والمعنوي والأمني والإقتصادي، ولتجنيب لبنان حرائقَ المنطقة وتأمين المساعدات لمواجهة أعباء النازحين والنهوض بالإقتصاد، وآخر زياراته إلى الفاتيكان وروما، والتحضير لعقد مؤتمر روما – 2، المخصص لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، والمقرر مبدئياً في كانون الثاني المقبل، ثم مؤتمر باريس لدعم الإقتصاد.
كما لديه جدول مواعيد في عواصم العالم الفاعلة في بريطانيا والصين لتوفير الدعم للبنان.
***
في الموازاة، تُحضِّر دوائر القصر الجمهوري لزيارة رئيس الجمهورية لدولة الكويت تلبية لدعوة أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ومعروف كم أنَّ دولة الكويت تكنُّ للبنان المحبة والدعم.
***
ما لم يتحرك لبنان بهذه السرعة وهذا الحزم والحسم وهذه الجدية، فإنَّ الملفات ستتراكم وستشكل العبء الأكبر في مواجهة التقدم، وعندها لا يعود يفيد أيُّ تحرك.