IMLebanon

تحديات الأمة ومعالجات القمة

 

هموم الأمة تتجمع عادة في القمة. واذا كانت القمة العربية التاسعة والعشرون في الظهران هي واحدة من قمم قليلة انتهت من دون خلافات، فان الأمة مضروبة بالخلافات ومفتوحة على صراعات بعضها قديم وثابت وبعضها الآخر جديد ومتغيّر. ولا نقص في اعلان الظهران الذي أطلقه القادة العرب في القمة. لا في توصيف التحديات التي تواجه العرب، وبينها تهديد وجودي لدول عربية عدة، حسب الرئيس عبد الفتاح السياسي. ولا في الدعوة الى تعزيز الأمن القومي العربي وتطوير جامعة الدول العربية بلسان الملك سلمان بن عبدالعزيز. ولا في التخوّف من وجود ملامح سياسة ترسم لمنطقتنا ستنال منّا جميعا في حال نجاحها والدعوة الى عمل وقائي لمنع وقوعها، وخصوصا ان الحرب الدولية على أرضنا لم تعد بالوكالة، كما قال الرئيس ميشال عون لزملائه.

النقص هو في الأوراق الضرورية لمواجهة تحديات تبدو أكبر منّا، وهي ليست كذلك. وهو أيضا في غياب المواجهة الشاملة والاضطرار للمواجهة المنفردة أو حتى التي تتشارك فيها ثلاث أو أربع دول. فكيف نرسم، قبل ان نمارس، استراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، وهناك أربع دول عربية أساسية معطّلة بالحروب والصراعات؟ ألم نعد بعد أكثر من نصف قرن من اخراج القوات والقواعد الأجنبية الى دعوة القوى الكبرى لاقامة قواعد عسكرية في بلادنا، وبعضها جاء بلا دعوة؟ وماذا عن مواجهة القوى الاقليمية الثلاث التي تلعب على المسرح العربي، من مواقع دول في سلام مع اسرائيل، ودول متحالفة مع ايران، وأخرى حليفة تركيا؟

من المهم اعادة التذكير بأن قضية فلسطين لا تزال قضية العرب المركزية، وتسمية القمة قمة القدس وتأكيد بطلان الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لاسرائيل وعدم شرعيته. ومن المهم أيضا رفض التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وادانة ما تقوم به ايران من تأجيج مذهبي وطائفي ومحاولات لزعزعة الأمن، ومطالبتها بسحب ميليشياتها وعناصرها المسلحة من كافة الدول العربية وبالأخص سوريا واليمن.

لكن السؤال هو: كيف ننجح بعد الفشل المتكرر في اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، عبر الاصرار على السلام كخيار عربي استراتيجي ووحيد، حين تكون اسرائيل رافضة له ومتمسّكة بالاحتلال الذي بلا كلفة؟ وهل يكفي ان نطالب المجتمع الدولي بضرورة تشديد العقوبات على ايران وميليشياتها لكي نواجه المشروع الايراني الذي صار الهمّ الأول بالنسبة الى دول عربية أساسية؟

 

مطلوب نقلة نوعية، لا مجرد بيان، في مواجهة الصراع الجيوسياسي الدائر علينا فوق أرضنا. والخبر الجيّد هو الاتفاق على قمتين في العام المقبل: واحدة ثقافية في تونس، وثانية تنموية اقتصادية واجتماعية في بيروت.