IMLebanon

تحديات المحاور الاقليمية وجدول الأعمال الوطني

 

المشاورات التي يجريها الرئيس ميشال عون أعادت فتح النقاش في عمق الأزمة. لا فقط أزمة الاستقالة المدوية للرئيس سعد الحريري بل أيضا الأزمة الوطنية التي قادت الى الاستقالة بعد شهور من التساكن تحت سقف التسوية السياسية المنقذة من الفراغ. التسوية التي كشفت التجربة ان ما ينطبق عليها هو المثل الفرنسي القائل: حلمان في سرير واحد. حلم فريق راهن على اعادة السياسة اللبنانية الى الوسط في اللعبة الداخلية كما الى الموقع المحيّد عن صراع المحاور الاقليمية. وحلم فريق راهن وعمل على أخذ السياسة اللبنانية الى الاصطفاف الكامل مع محور واحد.

رهان الفريق الأول سقط عمليا، وان بقي على ورق البيان الوزاري. ورهان الفريق الثاني قطع مسافة على طريق النجاح. وهذا ما هدّد بانكشاف لبنان عربيا بمقدار ما صار مغطى ايرانيا. وما يزيد المخاطر هو دخول الصراع السعودي – الايراني فصلا بالغ الحدّة والشدّة في الاقتراب من المواجهة المباشرة بعد المواجهة بالواسطة في أكثر من بلد.

ومتى؟ وقت ما تمكن تسميته موسم الحصاد الايراني وموسم الزرع الأميركي. طهران تتصرف على أساس ان محور الممانعة الذي تقوده انتصر في سوريا والعراق واليمن. والساعة دقّت لحصاد الانتصارات العسكرية سياسيا وتوظيفه في اللعبة الجيوسياسية التي تضع أربع عواصم بينها بيروت في اطار المشروع الاقليمي الايراني. وادارة الرئيس دونالد ترامب ترسم استراتيجية أميركية مختلفة عن الاستراتيجية التي راهن عليها الرئيس باراك أوباما. عنوان الاستراتيجية الجديدة هو كبح النفوذ الايراني. والتفاصيل أوسع بالطبع. مستشار الأمن القومي الجنرال ماكماستر يقول ان مواجهة ايران وأذرعها في المنطقة أولوية للادارة، وان أخطر اجراء هو الإحجام عن مواجهة حزب الله وبقية وكلاء ايران. وقائد القيادة الوسطى الجنرال جوزف فوتيل يتحدث عن العمل مع شركاء محليين لضرب نفوذ ايران ودورها الخبيث في سوريا واليمن والعراق ولبنان.

ومن هنا حراجة الموقف اللبناني. فمن الصعب، وسط الانقسام السياسي، ان تحقق بيروت ما تطلبه الرياض، وهو أبعد من اخراج حزب الله من السلطة وحلّ مشكلة سلاحه. ومن الصعب أيضا أن تتبنى بيروت أجندة حزب الله وتنضم الى المحور الايراني وتخاصم المحور السعودي وتعادي أميركا. والأصعب هو المهمة التي لا بد منها ولا انقاذ للبلد من دونها: استعادة التوازن السياسي في الداخل والوقوف في الوسط بين المحاور الاقليمية.

وهذا، لا مجرد البحث في المخارج الدستورية وحتى السياسية، هو جدول الأعمال الوطني الذي تضعه استقالة الرئيس الحريري على طاولة الحوار الجدّي.