IMLebanon

تحديات الحفاظ على رأس لبنان

 

المنطقة تدخل منعطفا جديدا في ظل ما اعلنه الرئيس دونالد ترامب من انقلاب استراتيجي اميركي في مواجهة ايران. وليس من السهل على أي طرف الهرب من القراءة الدقيقة في الانقلاب، والاستعداد لمرحلة عاصفة تحتاج الى حسابات واقعية ورؤية واسعة للمخاطر والفرص من منظار وطني في معزل عن اغراء المصالح والسياسات الضيقة. فلا المواجهة الاميركية – الايرانية مرشحة لأن تكون قصيرة وسريعة ومقتصرة على طرفيها المباشرين. ولا الموقف من الاتفاق النووي، سواء بقي في حدود حافة الهاوية أو تجاوزها، سوى ورقة في ملف اكبر هو الصراع على النفوذ الاقليمي، وسط الحضور القوي المتجدد في المنطقة للاعب الروسي ومعاودة الاندفاع الاميركي بعد الانحسار المبرمج ايام رئاسة باراك اوباما.

والرئيس سعد الحريري على حق حين رد على سؤال عن موقف لبنان من المواجهة بالقول: ما الذي يقدمه أو يؤخره لبنان في الكباش بين اميركا وايران؟. فلا اولوية تتقدم حاليا على ضمان الاستقرار الذي كان ولا يزال اعجوبة محلية وحاجة اقليمية الى خدمات تحت مظلة دولية في شرق اوسط يغلي بالحروب والصراعات. ولا احد يستطيع ان يتجاهل، مهما يكن مستوى المعرفة والعجرفة، كون اي برنامج راديكالي يلغي لبنان.

لكن السؤال هو: هل يتصرف الجميع على اساس الحكمة التقليدية القائلة: احفظ رأسك عند تغيير الدول؟ أليس في لبنان من يلعب دور قوة اقليمية لتحقيق اجندة تضمن التغيير في المنطقة على الطريق الى التغيير هنا؟ ماذا عن الذين يرون ان اميركا قبل ترامب ومعه وبعده هي العدو الذي تجب مواجهته لاخراجه من المنطقة، ولو لم يكن يمارس خطة هجومية على ايران؟ فكيف اذا كانت اميركا تدفع المواجهة الى اقصى مراحلها بالقوة الناعمة والتلويح بالقوة الخشنة؟ وكيف اذا كانت صناعة القرارات خارجية، ولو اعطيت ماركة لبنانية؟

الواضح، مهما يكن، ان السجالات بين الوزراء لها مبرراتها وسط الخلافات المستمرة والمضبوطة في الوقت نفسه، وليست اشارات الى خطر على مصير الحكومة. فالحكومة باقية بقوة المصالح المحلية والاقليمية والدولية التي جاءت بها ضمن التسوية السياسية لانهاء الشغور الرئاسي وادارة الوضع اللبناني بما يحمله من تطورات اقليمية دراماتيكية ومخاطر غير محسوبة. لكن الاهم من بقاء الحكومة هو ان تكون حكومة قادرة بالفعل على ممارسة السياسة كما هي على الورق في البيان الوزاري، حيث الابتعاد عن الصراعات من حولنا. والتجارب ليست مشجعة.