حوار تيار المستقبل – حزب الله الذي يبدأ مساء اليوم وفق أجندة تكاثفت جهود محلية وإقليمية على مدى الأسابيع القليلة الماضية حتى اقتنع الفريقان بها، رفع منسوب التفاؤل بقرب حلحلة العُقد الداخلية والإقليمية التي منعت حتى الآن وبالرغم من مرور أكثر من مائتي يوم على الشغور في سدة الرئاسة الأولى، إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يُسهم انتخابه في إعادة تكوين السلطة وبناء جدار من الثقة بين مختلف المكونات اللبنانية من شأنها أن تُعيد الاعتبار للجمهورية المتهالكة، وأخذ البعض يراهن منذ الآن على نجاح هذا الحوار في تعبيد الطريق أمام انتخاب الرئيس قبل نهاية الفصل الأول من العام الجديد.
وجاءت زيارة رئيس مجلس الشوري الإيراني علي لاريجاني الى بيروت عشية بدء حوار المستقبل وحزب الله والمواقف التي أطلقها من كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية حول الاستحقاق الرئاسي تضخ جرعات أمل كبيرة بقرب انتهاء الأزمة الرئاسية وتذكّر بزيارة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف مطلع العام الجاري التي أسهمت في إنضاج طبخة الحكومة السلامية التي شكّلت بعد أقل من شهر على هذه الزيارة.
ويأتي في السياق عينه التحرك الفاتيكاني في اتجاه القيادات المسيحية من أجل تأمين الأرضية الصالحة لجمع هذه القيادات تحت سقف بكركي والاتفاق على مرشح توافقي لسدّ الشغور في رئاسة الجمهورية، وذلك بالتزامن مع الاتصالات الجارية على قدم وساق لعقد لقاء تمهيدي بين المرشحين المتنافسين النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع، كذلك التحرك الفرنسي في اتجاه طهران والرياض من جهة ومع الولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية من أجل إزالة العقبات الإقليمية التي حالت حتى الآن من اتفاق اللبنانيين على انتخاب رئيس لهم.
لكن قراءة متأنية للواقع الراهن على مستوى الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي ولا سيما على مستوى العلاقات العربية – الإيرانية لا تشارك في هذه الموجة من التفاؤل من الحوار بين المستقبل وحزب الله والتي وصلت الىحدود انتهاء الأزمة الداخلية على وقع تفاهمات إقليمية ودولية على تحييد لبنان عن تداعيات ما يجري في المنطقة، رغم الاعتراف بأن الأجواء اليوم بالنسبة الى هذا البلد أفضل مما كانت عليه قبل شهرين وثلاثة أشهر لكنها لم تصل بعد الى حدود تلاقي كل الإرادات الإقليمية والدولية لتحييد لبنان وإبعاده عن النزاعات التي تعيشها المنطقة، والتي ما زالت من دون أي أفق للحل، وبالتالي فإن الرهانات على تقارب من هنا وتفاهم من هناك لا يتماهى مع ما تتوقعه الولايات المتحدة الأميركية من سنوات لوقف النزاعات في هذه المنطقة وإرساء حلول شاملة لها، وبالتالي فإن ما يحصل على الساحة الداخلية تبقى حدودها ضيقة لا تتعدى إعطاء اللبنانيين فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب أوضاعهم الداخلية بما يمكّنهم من الصمود في وجه التحديات القادمة.