تشهد الساحة المسيحية عموماً والكسروانية خصوصاً خلطة كبيرة، إذ إنّ الإنتخابات النيابية المقبلة في أيار 2022، إن لم تتأجل، لن تكون كسابقاتها لأنها ستحدّد حجم كل فريق ودوره في المرحلة المقبلة. دخلت البلاد مدار الإنتخابات النيابية ويضغط المجتمع الدولي والقوى المعارضة من أجل عدم تأجيلها، في حين أنّ الرهان يبقى على هذه الإنتخابات من أجل الإطاحة بالأكثرية الحاكمة بقيادة “حزب الله”. قفز النائب العميد شامل روكز من مركب العهد الذي يغرق، فالعميد المتقاعد خاض إنتخابات 2018 على لائحة “التيار الوطني الحرّ” في كسروان – جبيل، وسرت مقولة في تلك الفترة عن لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مفادها “أنا شامل وشامل أنا”، لأن روكز كان يُحارَب من أهل البيت ومن أعضاء لائحته. إنفجر الخلاف داخل عائلة عون بعد الإنتخابات النيابية خصوصاً بعد إتهام روكز لرئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل بالعمل على إسقاطه، وهو يؤكّد الآن بأن خوضه الإنتخابات من دون “التيار الوطني الحرّ” سيكون أسهل من التحالف معه لأنه “ماذا أكسبني ذاك التحالف؟”.
يُصرّ روكز على الإستمرار بالتصعيد ضد رجالات العهد والدائرة المحيطة برئيس الجمهورية، فهو يعتبر “أن هؤلاء المقربين يُخرّبون على الرئيس ولم يرتَح لهم”، لذلك فان العمل ينصبّ على تشكيل قوّة تغييرية ستتبلور خلال الإنتخابات النيابية المقبلة.
وينفي روكز كل الأخبار المتداولة التي تتحدّث عن إمكان نقل ترشيحه إلى الدائرة الثالثة في الشمال وتحديداً إلى البترون مسقط رأسه ورأس عديله باسيل، معتبراً أنها كلها شائعات مدسوسة “الغرض منها التشويش على عملي، فقد بدأت مسيرتي النيابية من كسروان وسأكمل فيها، فأنا صامد هنا ولن أترشّح في غير دائرة”.
يُفكّر روكز ويعمل على إطلاق تياره السياسي المكوّن بغالبية كوادره من عسكر متقاعد ومدنيين بأغلبيتهم كانوا في السابق قياديين في “التيار الوطني الحرّ”، وبالتالي فإن طموح وراثة الحالة العونية موجود لكن ضمن رؤية جديدة تنطلق من حراك 17 تشرين لتصل إلى طرح أفكار إنقاذية جديدة. لا ينكر أحد أن باسيل يعاني من تصدعات داخل تياره، وتكشف معلومات عن إمكان إنشقاق عدد من نواب “التيار الوطني الحرّ” الملتزمين حزبياً عن الحالة الباسيلية، وخوضهم غمار الإنتخابات إما منفردين أو بالتحالف مع روكز، لكن الأمور تحتاج إلى بعض الوقت من أجل نضوج الموضوع، في حين يُحكى عن تفكير نائب في جبل لبنان الجنوبي ونائبين من جبل لبنان الشمالي بترك صفوف تكتل “التيار”، إذا إستمرّ الوضع على هذا المنوال. يعمل روكز حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق تياره الجديد، ويصبّ جهده على تنظيم الصفوف قبل الولوج في حركته الإعتراضية، ويسعى لأن تضمّ حركته كوادر ومنتسبين من كل المناطق والطوائف ولا تقتصر على لون واحد أو منطقة معينة.
وعلى رغم الفتور في العلاقة مع “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” يسعى روكز إلى تبريد الأجواء معهما، لكن من دون أن يعني ذلك الوصول إلى تفاهمات سياسية وإنتخابية لأن الهوة لا تزال كبيرة، والتصويب الأساسي يصبّ على سلوك القوى الحاكمة وليس المعارضة. وإزاء خلط الأوراق على الساحة الكسروانية والمسيحية، من المبكر الحديث من الآن عن نسج تحالفات جديدة، لأن هناك ما يقارب العام يفصلنا عن الإنتخابات النيابية وقد تتبدّل كل الظروف، لكن الضغط الأساسي يبقى لإجراء الإنتخابات في موعدها وعدم الذهاب إلى التمديد لمجلس النواب.