بصدق ودقّة، لم أتوقع أن يثير مقالي بالأمس في هذا «الهامش» مجموعة من الأسئلة طرحها عليّ أصدقاء وزملاء، مع ثقتي بصدق ومصداقيّة من طرحوا عليّ الأسئلة، إلا أنني استشعرتُ هذا «الجوّ» التساؤليّ منذ الصباح، منذ واجهتني شقيقتي وأنا أشرب « قهوتي» بأول الأسئلة… وللأمانة؛ ثمة ملاحظات أجد أنه لا بُدّ لي من مصارحة القارئ بها، وكلّها جاءت في سياق إصغائي لهذه الأسئلة الحقيقيّة والمُحقّة، ولا أنكر أنّني تلقّيتُ ثناءً على المقالة وجرأة التمييز في الموقف بين مستوييْن، الأول كفاءة العميد شامل روكز، والثاني التأكيد على الخصومة السياسية في الرأي والموقف مع ميشال عون وتيّاره، فالبعض وافقَ رأيُه رأيي، ولكن…
من جملة الأسئلة التي استدعت كتابة هذه الملاحظات، سؤال طرحه عليّ صديق زميل وبشكل مباشر: «ما الذي سنأخذه من ميشال عون مقابل روكز في قيادة الجيش؟»، وملاحظتي هنا، كانت إجابتي على سؤاله، انّني من الذين ـ أكثر من امتعضوا ـ من الحوار بين الرئيس سعد الحريري والجنرال ميشال عون، ومن قبول المشاركة في حكومة مع حزب الله، ومع هذا يومها «نُظِّر» لهذا الحوار وللحكومة على أنّها «انتصار» قاد إلى مكاسب تحقّقت على مستوى وزارات العدل والداخليّة والاتصالات وسواها…
الملاحظة الثانية؛ تتعلّق بالإقطاع والتوريث السياسي اللبناني، وهذه واحدة من المهازل التي نتابعها وهي تلغي الديموقراطيّة والناخبين والانتخابات، في صيفٍ وشتاءٍ تحت السقف اللبناني، وهنا العجب العُجاب، فمنذ أسابيع ونحن نتابع ما يتردّد عن استقالة وليد بك جنبلاط من النيابة في أيار المقبل، ليحلّ محلّه انتخاب ولده تيمور، ونسمع الأمر نفسه عن تنازل سليمان فرنجيّة لولده طوني عن مقعده في زغرتا، ونسمع عن رئاسة حزب الكتائب التي ستؤول من الرئيس أمين الجميّل لولده الشيخ سامي، وعن مقعد النائب السيدة بهيّة الحريري النيابي الذي سيؤول إلى ولدها أحمد، والأمثلة هنا لا تُعدّ ولا تُـحصى، والحزب اللبناني الوحيد الذي خرج من هذا «التوارث العائلي» للشعب اللبناني هو حزب القوات اللبنانيّة…
وفي إطار هذه الملاحظة، كتبنا: «العميد روكز مشهود له بالكفاءة ونظافة الكف ورجاحة العقل»، ولا يُعيبه أنّه «صهر» النائب ميشال عون»، فكيف تستقيم إذن هذه الازدواجيّة اللبنانيّة التي أتتْ مراراً بـ»جبران باسيل» على رأس أكثر من وزارة وآخرها الخارجيّة، بالرغم من فشله الذريع، تقف هي نفسها «عثرة» من دون العميد شامل روكز لقيادة الجيش؟!
وهذه الملاحظات حول الهامش، هي التزامٌ مني تجاه القارئ أولاً، والتزامي الشخصي ثانياً بالصدق والشفافيّة مع هذا القارئ، بالأمس قرأتُ كمعظم اللبنانيين عن التمديد لقيادة جهاز أمنيّ حساس لمدّة ستة أشهر؛ وهنا بيت القصيد مما كتبت: «القيادة الأمنية» مسؤولية كبرى، لا يجوز التعاطي معها بهذه الطريقة، مسؤولية الأمن في لبنان خطيرة جداً في هذه المرحلة، ورأيي كمواطنة لبنانيّة أولاً انّ هذا التمديد يُشبه إلى حدّ ما «مهلة إنذار» تُـجبر سنوات الوظيفة الموظّف على تطبيقها إلى حين تأمين بديلٍ له، وانّ هذا التمديد لا بُدّ ان ينعكس سلباً على ضباط وأركان المؤسسات الأمنيّة…
وملاحظة أخيرة ـ مع تقديري الكبير للدور الوطني الجليل التي ألقيت تبعاته على عاتق «العماد جان قهوجي» ـ ألم يكن هو شخصياً محسوباً على الجنرال ميشال عون، وهنا ما علينا إلا أن نحيل القارئ على ردّ نجل العماد قهوجي على النائب عون عندما غمز من قناته في موضوع الضباط الرهائن بيد إرهاب «داعش» و»النصرة»، مذكّراً عون بأن والده (العماد قهوجي) كان يخوض الحرب في أرض معركة 13 تشرين الأول 1990 في الوقت الذي كان فيه الجنرال عون متوجّهاً إلى السفارة الفرنسيّة؟!
هذه أسئلة يطرحها المواطن اللبناني، ولا يجدُ لها أجوبة، خصوصاً سؤال كيف يتعطّل تشكيل حكومة من أجل «عيون صهر الجنرال»، ويتم القبول بالتعطيل ثم يُقدّم تنازل بقبول شروط الجنرال في توزير صهره، برغم كل الملاحظات السلبية عليه، فيما يرفض تعيين صاحب كفاءة في موقع قيادة الجيش تحت عنوان أنه «صهر الجنرال»، وشتّان ما بين «الصهريْن»؟! هذه ملاحظات لا نستطيع أن نهرب من الإجابة عليها.
وللأمانة؛ والشفافيّة مع القارئ، لقد أحتجتُ إلى «استشارة صديق صدوق» في ملاحظات هذه المقالة، وأتمنى أن تكون أوضحت ما توجّب عليّ إيضاحه…