بعيداً عن موبقات السياسة ودهاليز حساباتها الضيقة التي لا تنفك تضيق وتضيق وتمعن في خنق البلد عند كل منعطف دستوري وطني «كرمال عيون» مستوزر من هنا ومسترئس من هناك وصولاً إلى شلّ الدولة عن بكرة أبيها كما هو حاصل الآن تحت وطأة التهديد والوعيد بآتٍ أعظم ما لم تتم ترقية عميد إلى لواء، يبقى السؤال ماذا عن شامل روكز نفسه؟ هل يستحق أن يصبح اسمه رديفاً لمسبّبات وموجبات التعطيل المؤسساتي في أذهان كثير من اللبنانيين وقد بات بعضهم يصحى وينام على سؤال: شو صار ترقّى صهرو الثاني للجنرال أو بعد.. بدنا نخلص.
في واقع الحسب والنسب، نعم هو صهر العماد ميشال عون الثاني بعد الصهر المدلّل الأول جبران باسيل. أما في وقائع المؤهلات والمقدرات فشتّان ما بين الأول المحبوب في أروقة «الرابية» والثاني المحترم على مستوى الخارطة الوطنية حسبما دلّت وتدلّ تعليقات ومواقف عارفي روكز الذي يتقاطع السياسيون «كلهم يعني كلهم» عند الإشادة بكفاءته ونزاهته في المؤسسة العسكرية. فـ«تيار المستقبل» الذي يشكّل «حائط مبكى» عونياً عند كل استحقاق يرفع فيه العماد عون راية مظلومية الحقوق في مواجهته، بات متهماً في أوساط بعض حلفائه بفرط الحماسة لإنجاز تسوية وطنية تفضي إلى ترقية روكز ربطاً بما يبديه الرئيس سعد الحريري من تعاون وجهود صادقة في سبيل إبرام التسوية. وحتى المعترضون على التسوية أنفسهم عندما يُسألون لا يبدون إلا كل تقدير واحترام لشخص «العميد المغوار» ويسارعون إلى التأكيد على كون معركتهم ليست عسكرية مع «العميد» إنما سياسية مع «العماد» حفاظاً على الجيش وصوناً لتراتبيته الهرمية.
وأكثر.. شامل روكز نفسه ليس معنياً بترقية شامل روكز! ولا بالبازار القائم على ساحة التناطح السياسي الحاصل حول اسمه. وعن لسانه ينقل رفاق درب «تمشايته» الأسبوعية في اللقلوق ما قلّ ودلّ: «كل ما يدور عن ترقيتي ما بيعنيني». عبارة تكررت على مسامع قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال الغداء الشهير الذي أتى بطلب من روكز عامداً متعمّداً أن يكون غداءً علنياً في دلالة قاطعة لوتر اللعب على الحساسيات العسكرية بين رفاق السلاح، ولسان حال انضباطه وإخلاصه للجيش يقول للقائد: أنا ضابط ملتزم في المؤسسة العسكرية أحترم مكانتك.. «وما خصني بكل شي عم يصير سواءً معي أو ضدي».
هي من المشهديات اللبنانية المحزنة والمخزية أن يوضع ضابط مغوار كشامل روكز في خانة تصفية الحسابات السياسية الضيقة وأن يصبح اسمه مقترناً بتعطيل المؤسسات. فإذا كانت مصاهرة الجنرال عون نعمة لا تضاهيها نعمة حملت جبران باسيل على «بساط الريح» إلى رئاسة «التيار الوطني الحر»، هي لا شكّ تصبح نقمة لا توازيها نقمة حينما تحجّم عميداً كشامل روكز وتختزل تاريخه وسجله الحافل بالتضحيات والبطولات بعبارة «صهر الجنرال»، علماً أنه في نظر الكثيرين، وبحق، الأحق والأكفأ والأجدر على مختلف مقاييس القيادة العسكرية والعصب السياسي عند الحديث عن وريث شرعي بديهي لمسيرة عمّه قائد الجيش الأسبق.
لعلّ أكثر ما آذى روكز هو طرح ترقيته على مذبح الصراع الأزلي و«الوجودي» الذي يخوضه العماد عون في كل مرة يفرض فيها على «خصومه» تلبية مطلب له أو شرط معيّن «ويا غيرة الدين» إن هم لم يفعلوا.. وعلى الأغلب الأعمّ هم لن يفعلوا، كيف لا وهم «خصومه».
مغوارٌ كشامل روكز، كان الشهيد وسام الحسن يشيد في مجالسه الخاصة ببطولاته في معركة نهر البارد، يستحق كل تقدير وترقية.. لا أن يزجّ اسمه في معارك طواحين الأهواء السياسية.