ارتسمت علامات الاستغراب على وجوه معظم الطرابلسيين، في اليومين الماضيين، لدى شيوع خبر عن نية رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون إقامة مهرجان خطابي لحزبه في عاصمة الشمال. أغلب من سمعوا بالخبر اعتقدوا أن في الأمر مزحة أو مقلباً، فـ»هل يوجد أنصار لحزب شمعون في طرابلس؟»!
زيارة شمعون الابن لعاصمة الشمال لا تشبه أبداً زيارة والده كميل شمعون لها يوم كان في سدّة الرئاسة (1952 ـ 1958). يومها كان الأب يلقب بـ»فتى العروبة الأغر» وكانت طرابلس قلب العروبة النابض في لبنان. أمّا اليوم، فلا الابن يشبه أباه في شيء، ولا طرابلس تنبض عروبة بعدما باتت «قلعة المسلمين» و»عاصمة السنّة»، على رغم «بهجة» مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار واعتباره أن «ربيع طرابلس بدأ مع زيارة رئيس حزب الوطنيين الأحرار»!
لكن «لغز» الزيارة سرعان ما انكشف، إذ إن برنامجها، من بابه الى محرابه، لُزّم الى وزير العدل أشرف ريفي الذي كان يبحث عن مناسبة لإقامة مهرجان يطلق فيه مواقف سياسية للرد، في الدرجة الأولى، على انتقادات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للسعودية. وأوضحت مصادر لـ»الأخبار» أن قوى وشخصيات في تيار المستقبل وفريق 14 آذار «كانت تنوي تنظيم مهرجان جماهيري داعم للسعودية، وعندما لم تنجح مساعيها استقر الرأي على دعوة شمعون وجعله متراساً لإطلاق هذه المواقف».
اللون الأزرق طغى على الاحتفال وشمعون «جلب» أنصاره معه!
الكلام في المهرجان الشمعوني الذي طغت عليه ألوان التيار الازرق اقتصر على شمعون وريفي. الأول بشّر بأن «مشروع إيران للسيطرة على المنطقة فاشل». وشنّ الثاني هجوماً حاداً على حزب الله الذي «يُحوّل لبنان إلى غرفة عمليات عسكرية وإيديولوجية وإعلامية للنفوذ الإيراني».
أكثر من أمر كان لافتاً في زيارة «زعيم النمور» إلى طرابلس، وفي إقامته مهرجاناً تحت شعار «نيسان 2015… طرابلس مدينة التعايش». فقد تساءلت مصادر سياسية تحدثت اليها «الأخبار»: «كيف يكون التعايش في مدينة تجلب مسيحيين من خارجها ومن خارج الشمال لإحياء مهرجان حزبي، فيما هي تطرد تدريجاً مواطنيها من بقية الأقليات، وتجعل جيرانها من طوائف ومذاهب أخرى يعدّون للألف قبل زيارتها؟». ورأت أنه «كان من الأجدر بريفي وتيار المستقبل تحفيز القوى السياسية من أبناء الأقليات الأخرى في المدينة على إقامة مهرجان سياسي في طرابلس، إذا كانوا جادّين في طرحهم وشعاراتهم، بدلاً من دعوة شمعون الذي لم يتجاوز عدد من شاركوا في مهرجانه من جماعته أمس أصابع اليد الواحدة، بينما كانت غالبية الحضور محسوبة على تيار المستقبل، مع حضور رمزي خجول لمسيحيي 14 آذار!».
وسألت المصادر: «هل يقبل تيار المستقبل الذي يرفع شعار طرابلس مدينة التعايش إقامة تيار المردة أو التيار الوطني الحر مهرجانات فيها بلا اعتراضات، علماً بأن لهذين التيارين في طرابلس منسقيات وكوادر، على عكس حزب شمعون؟ وكيف يستقيم شعار التعايش مع نبذ العلويين والشيعة، وحتى السنّة ممّن يخالفون المستقبل الرأي والتوجّه السياسي؟».