IMLebanon

شمّاعة الإنتظار

لم يُفاجأ أحد من اللبنانيين بعدم اكتمال نصاب الجلسة الواحد والعشرين لانتخاب رئيس جمهورية لأنهم يدركون تماماً أن الظروف الداخلية والإقليمية التي حالت في كل الجلسات التي دعا إليها رئيس المجلس دون اكتمال النصاب ما زالت على حالها، فلا إيران المنشغلة إلى قمة رأسها بملفّي اليمن والنووي، أفرجت عن ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان وطلبت من حلفائها التوقف عن تعطيل النصاب، ولا حزب الله تخلّى عن العماد عون كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية لمصلحة الرئيس التوافقي الذي تطالب به قوى الرابع عشر من آذار وتحثّ الحزب إذا كان لا يزال حريصاً على الجمهورية كما يدّعي أن يُرسل نوابه إلى ساحة النجمة لإكمال النصاب ويُقنع حليفه العماد عون بالرجوع عن مقاطعة الجلسات والقبول برئيس توافقي يضع حداً للفراغ في الرئاسة الأولى المتمادي منذ أكثر من عشرة أشهر والذي بسببه تردّت الأوضاع الداخلية الى درجة لامست الخطر.

وهذا الوضع الذي وصلت إليه الأمور بعد أكثر من عشرة أشهر نتيجة الفراغ في رئاسة الجمهورية مرشّح لأن يستمر وقتاً لا يعرف حدوده أحد بسبب التعقيدات المستمرة في المنطقة وانشغال إيران كطرف أساسي فيها، ويتعيّن على اللبنانيين أحد خيارين، إما عودة حزب الله والتيار الوطني الحر إلى لبنانيتهم وعدم انتظار الإشارة الإيرانية وإما الاستسلام إلى مصير البلد المجهول بفعل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية من اليمن الذي يشهد حرباً حقيقية بين المجموعة العربية وبين ما يسمّى بالميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وحلفائها في العالم مثل روسيا ودول البركس، الى العراق المقسّم ويشهد حرباً مذهبية، الى سوريا التي باع فيها النظام نفسه الى إيران ليبقي سيطرته بالقوة على جزء من سوريا يؤسس من خلاله لقيام دولة علوية على حساب وحدة سوريا.

ويبدو من خلال قراءة واقعية للمشهد السائد في سوريا، وفي العراق وفي اليمن، أن الأمور سائرة نحو مزيد من الحروب المذهبية ونحو الإقرار بالتقسيم المذهبي كأمر واقع بعدما أصبح التعايش بين السنّة والشيعة في العراق واليمن وسوريا أمراً مستحيلاً.

أما بالنسبة إلى لبنان البلا رئيس منذ أكثر من عشرة أشهر نتيجة ارتباط مصيره بما يجري حوله في المنطقة العربية، فهو سيبقى معلقاً على الشمّاعة إلى أن تستقر الأمور في المنطقة، بانتصار الفريق التقسيمي الذي تقوده إيران أو بانتصار الطرف الوحدوي التي تقوده المملكة العربية السعودية ومعها مصر والدول الخليجية وتركيا وباكستان التي انضمت مؤخراً للتحالف السياسي والعسكري الذي قام بعدما وصل التهديد الإيراني الى أبواب منطقة الخليج العربي، ويُخطئ من يعتقد بأنه لا يزال بإمكان اللبنانيين أن يتوافقوا على حل أزماتهم بمعزل عما يجري في المنطقة، خصوصاًَ وأنه لم يعد يشكل أولوية في حسابات الولايات المتحدة الأميركية ولا في حسابات الدول الأوروبية المنشغلة حالياً بالتطورات المتسارعة التي تعيشها منطقة الخليج بعدما فرض عليها مشروع التمدد الإيراني في اتجاهها أن تغيّر من سياسة النعامة وترفع التحدي في وجه إيران التي ما زالت تحلم بإعادة الإمبراطورية الفارسية من الغرب والإمبراطورية العثمانية التي عاشت أكثر من أربعماية سنة على حساب الإمبراطورية الفارسية، وعلى الذين لا يزالون يراهنون على قدرة اللبنانيين على التفاهم لحل مشاكلهم الداخلية أن يقلعوا عن هذا الوهم لأن هناك فريقاً مرتبطاً بالخارج ليس حراً في اتخاذ القرار.