Site icon IMLebanon

تيار التغيير والإصلاح والتحدّي

 

جمهور “التيار الوطني الحر” الذي اتجه الى القصر الرئاسي في بعبدا وخطاب رئيس تيار “الإصلاح والتغيير”، أظهرا للشعب اللبناني أن المأزق السياسي والاجتماعي يشتد في لبنان. لقد التزم الرئيس ميشال عون في خطابه الأسبوع الماضي عدم ترك شارع يواجه شارعاً. ورأينا أمس طريق بعبدا وساحتها في وجه شعب منتفض في ساحة رياض الصلح يطالب برحيل كل الطبقة السياسية لفشلها في تلبية أدنى حقوق الشعب. فجاء خطاب باسيل يلقي المسؤولية على من تسلّم الحكم من التسعينات إلى 2005 متناسياً مسؤولية الاحتلال السوري حليفه الحالي في الفترة التي أشار اليها. ثم خطابه الشعبوي غضّ النظر عن أنه تسلّم لمدة عشر سنوات وزارة الطاقة وما زال الشعب المنتفض يعاني من غياب التيار الكهربائي 24 ساعة على 24.

 

كما أن التيار تسلم وزارة البيئة منذ ثلاث سنوات. لم يرَ الشعب المنتفض أي حلّ للنفايات المتراكمة والتلوث المميت في البلد. أما وزارة الاتصالات فعندما تسلّمها ممثل باسيل لم يقم بانجاز أو نجاح أكبر مما حدث لاحقاً.

 

المؤسف كان أن الرئيس عون الذي يصف نفسه بأنه “أب الكل”، خاطب جمهور “التيار” من القصر الرئاسي كأنه رئيس حزب ولو أنه قال: “بحبكم كلكن”. خاطب باسيل جمهوره واعداً إياه بمكافحة الفساد، كيف ذلك وحليفه “حزب الله” يسيطر على المرفأ والمطار وكل نقاط التهريب في البلد؟ وأي مكافحة فساد يتكلم عنها عندما لا يتجرأ أي موظف دولة في جباية ضرائب ومدفوعات الكهرباء على تحصيل الجباية بشكل كامل في الضاحية الجنوبية ومناطق “حزب الله” حليف باسيل.

 

كلام باسيل عن مكافحة الفساد بمثابة الضحك على الناس لأن الكل يعلم من هو “الحزب” الذي يبني اقتصاداً غير شرعي لاستخدام سلاحه غير الشرعي بوجه شعوب لبنان وسوريا والعراق. وتظاهرة باسيل وتأييدها من رئيس البلد أعادت المشهد الى تسييس الوضع والعودة إلى انقسام 8 و14 آذار. أما تظاهرات الشعب في ساحة رياض الصلح وفي طرابلس فكانت بمثابة إضعاف لتظاهرة “التيار”. فالحراك الشعبي كان في زحلة وطرابلس وبيروت وغيرها من المدن للمطالبة بأحوال معيشية أفضل وخروجهم من أوضاع مؤلمة. ولكن لسوء الحظ أن المسؤولين عن الحكم في لبنان غير مدركين وجع الشعب بعد. فهم يتكلمون عن مؤامرات من أحزاب ومن سفارات ويماطلون في تشكيل حكومة فاعلة ومقنعة. ولكن عرض قوة باسيل بدلاً من التركيز على الاستشارات لتكليف رئيس حكومة والإسراع بالتشكيل، يعني أن العصيان المدني سيستمر لأن الناس لم تشعر بأن رئيس البلد والمسؤولين فيه سمعوا صرختهم.

 

سيعود البلد إلى الشلل وتتفاقم الازمة ولكن الاقتصاد لم يعد يحتمل. والمطلوب يقظة وطنية حقيقية سريعة تخرج البلد من الهاوية وتعطي الشعب المحتج أدنى حقوقه، والكف عن تحدّي حزب يسمي نفسه بـ”القوي”، اخطأ التقدير بتظاهرة أدت الى زيادة الغضب الشعبي والى شلّ البلد.