لم يعد معروفاً ما إذا كان يمكن إطلاق صفة «التغيير» على المجموعة النيابية التي يجري التعريف عنها بهذا العنوان. بعد تباينات حول ملفات أساسية في الفترة السابقة، جاء الاستحقاق الرئاسي، ليكشف الهوّة الكبيرة بين ما رفعوه من شعارات وما يقومون به من خطوات، ما ولّد انقساماً سيكون له ما بعده بين هذه المجموعة.
يتّجه نواب «التغيير» إلى الجلسةِ مُشتّتين فرقاً. 8 منهم سيصوّتون لجهاد أزعور، مرشح حزبَي القوات اللبنانية والكتائب وبعض المستقلين والتيار الوطني الحر، وهم: وضّاح الصادق، مارك ضو، ميشال الدويهي، بولا يعقوبيان، نجاة صليبا، إبراهيم منيمنة، ياسين ياسين وفراس حمدان. ويرى هؤلاء في الجلسة فرصةً ذهبية لـ«كسر شوكة» حزب الله تحديداً، عبر «إسقاط مرشّحه» رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. هكذا انطلق النائبان الصادق وضو، في الترويج لأزعور، في الأوساط «التغييرية» النيابية والشعبية، ثم التحق بهما الدويهي، ومن ثم ظهر إلى العلن الموقف الفعلي للنائبة يعقوبيان التي بدا أنها مكلفة بالتفاوض مع زملائها، وحقّقت نجاحاً أولياً في استقطاب صليبا التي أعلنت دعمها لأزعور. كما جَهِدَت هي وكثر سواها، في الضغط على بقية النواب، وعلى ما يبدو فعلت الجهود فعلها على النائب إبراهيم منيمنة، الذي أعلن ليل أمس تصويته لأزعور، ومثله سيفعل النائب فراس حمدان وفق معلومات «الأخبار».
في المقابل، تموضع النواب حليمة القعقور وسينتيا زرازير والياس جرادة في موقع الرافض للمرشحين أزعور وفرنجية، فقرّر جرادة التصويت للوزير السابق زياد بارود، بينما اختارت القعقور وزرازير شعاراً لا اسماً، ولا ورقة بيضاء. وحده بقي النائب ملحم خلف مجاهرا بعدم التصويت لفرنجية، وبحركةٍ أقل جرأة ترك موقفه ضبابياً من أزعور. في المحصّلة، من بين 12 صوتاً «تغييرياً»، لن يصوّت أحد لفرنجية، مقابل 8 لأزعور، و3 لديهم خيار ثالث، و1 في منطقة رمادية.
شعبياً، يُروج النواب المؤيدون لأزعور أنهم عادوا إلى القواعد الشعبية واتفقوا على دعمه. كما استعانوا بطبّاخي لوائح «التغيير» في الانتخابات النيابية 2022، ونظّموا لقاءً واسعاً في أحد فنادق بيروت، أول من أمس، مع ناشطين و«قياديين» ومخطّطين ومؤثّرين في الجو «التغييري». تقدّم الحضور «صقور» دائرة الجنوب الثالثة (حيث ترشّح ونجح فراس حمدان)، بهدف إقناع «القاعدة» بأنّ خيار التصويت لأزعور هو الفرصة الأولى وربما الأخيرة لتسجيل هدفٍ في مرمى حزب الله. وقيل ما معناه إنّ من لديهم مشكلة مع طروحات الرجل الاقتصادية، يُمكن التغاضي عنها، «في سبيل إظهار غلبتنا وكثرتنا بوجه الحزب».
قبل اللقاء وبعده، شَهِدَت مجموعات «17 تشرين» تخبطاً، لم يعكس إلا غياب ديمقراطية تغنّى بها أركان «الثورة». قبل أن يتحوّل قسم كبير منهم إلى «مطاوعجية» يصنّفون معارضي أزعور على أنّهم يعملون عند «الممانعة»، لدرجة اتهامهم للبعض بأنهمّ «الخمينيون الجدد». أصحاب هذا الموقف خوّنوا في السابق المرشحين الذين رفضوا الانضام إلى لوائح انتخابية «تغييرية» متحالفة مع حزب «الكتائب» بدعم من منصة «كلنا إرادة»، ويعيدون اليوم الابتزاز عينه. وهناك فريق أصغر يؤيّد قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي استقبل عدداً من الناشطين. بينما يوجد فريق ثالث يرفض السير بأزعور، انطلاقاً من تجربته في وزارة المالية ونهجه الاقتصادي، وسياق ترشيحه ضمن اصطفاف طائفي سياسي لفريق في البلد بوجه آخر.
إلى ذلك، قرّر 12 نائباً مستقلاً، هم نواب «اللقاء النيابي المستقل»، الذي يضمّ: عماد الحوت، نبيل بدر، أحمد الخير، محمد سليمان، عبد العزيز الصمد، وليد البعريني، سجيع عطية، أحمد رستم وجميل عبود، ومعهم نواب «صيدا جزين»، عبد الرحمن البزري، شربل مسعد وأسامة سعد، التصويت بـ»شعارٍ معبّر»، وسيلتزمون بعدم المشاركة في أيّ محاولة لتعطيل نصاب الدورة الثانية من جلسة الانتخاب. وفي حال عُقدت دورة ثانية سيصوّتون لاسم لا يريدون حرقه في الدورة الأولى.
من ملف : الفراغ…