IMLebanon

توحيد المعارضة يفشل و”الرئيس التوافقي” يقترب

 

إستنتج كثيرون ممن تتبعوا وقائع الجلسة الانتخابية الرئاسية الرابعة أمس، فشل المحاولات الجارية التي تتصدّرها «القوات اللبنانية» لتوحيد صفوف المعارضة، عبر ضمّ كتلة «الاعتدال الوطني» ونواب صيدا ـ جزين وكتلة التغييريين اليها، وبالتالي فرض مرشح من صفوفها يفوز في الدورة الانتخابية الاولى بأكثرية الثلثين وبالأكثرية النيابية المطلقة في الدورة الثانية.

ويقول هؤلاء المتتبعون، إنّ هدف المعارضة الأساسي هو منع وصول مرشح من فريق 8 آذار إلى سدّة الرئاسة، لأنّ مرشح المعارضة هو للمناورة وفرض امر واقع بتكوين اكثرية تقول للخارج انّ هناك اكثرية نيابية ضدّ «حزب الله» وحلفائه باتت تفقده القدرة على تعطيل النصاب، ليتمّ في هذه الحال الذهاب الى رئيس توافقي وإسقاط أي مرشح حتى ولو كان رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.

 

لكن ما حصل إلى الآن، أظهر انّ من الثابت في كل الجولات الانتخابية انّ المرشح ميشال معوض المتمسك بترشيحه والمستمر به كما اعلن ولا يزال، لم يتمكن بعد من تجاوز ما حصل عليه من اصوات إلى الآن، لا بل انّه تراجع بعض الشيء في جلسة الأمس. اما النواب التغييريون فقد تشبثوا بموقفهم الرافض للاصطفافات، وهم لم ينسوا ما نتج من انتخابات اللجان النيابية الاخيرة التي اثبتت انّ حزب «القوات اللبنانية» وحلفاءه هم شركاء في المنظومة، كما يقولون. فيما نواب كتلة «الاعتدال الوطني» يرفضون انتخاب مرشح «القوات اللبنانية» لاعتبارات عدة، أبرزها الحساسية السنّية إزاء رئيسها الدكتور سمير جعجع المبنية على فكرة «تزعمه» للسنّة، كما يقولون، وعلى «الحساب القديم» بينه وبين الرئيس سعد الحريري.

 

وامام هذا الواقع، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا لو استبدلت «القوات» وحلفاؤها ترشيح ميشال معوض بترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون؟ وهل يتغيّر اي شيء في هذه الحال؟

 

والجواب هو انّ التغييريين لا يمكنهم مناقضة الذات لاعتبارات تتصل باحترام الدستور وعدم تعديله لمصلحة اشخاص. اما كتلة «الاعتدال الوطني» فيمكن ان تتأثر بهذا الامر وينتهي مصيرها الى الانقسام. ولذا، فإنّ كل هذه المعطيات تدل الى انّ فكرة توحيد المعارضة قد سقطت، حسب قول البعض، او فشلت حتى الآن على الاقل، حسب قول البعض الآخر.

 

اما في المقلب الآخر، فيقول المتتبعون إنّه «شاء من شاء وأبى من أبى وبغض النظر عن «فيتو» رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على فرنجية، فمن الواضح انّ هذه القوى المعارضة تستطيع ان تستجمع اكثرية 65 نائباً في حال توحّدت، وهي حتى الآن لم تسمِ احداً، وبالتالي فأنّ مفتاح الانتخابات الرئاسية هو في يدها، لأنّها اذا ما توحّدت وحصلت على اكثر من 65 نائباً لن تستطيع القوى الاخرى تحمّل فكرة تعطيل النصاب. لكن في المقابل إذا توحّدت القوى الحليفة لـ»حزب الله» فمن شأن ذلك ان يدفع «اللقاء الديموقراطي» إلى مراجعة حساباته وخياراته، وكذلك مجموعة كبيرة من النواب السنّة.

 

وفي ضوء ذلك، يرى المتتبعون اياّهم، انّ ترشيح معوض ربما يكون قد انتهى، في رأيهم، وانّ الكتل النيابية والسياسية بدأت البحث عن مرشح آخر، فيما تبقى الانظار شاخصة تترقب ما سينتج من محاولة «حزب الله» اقناع باسيل بانتخاب فرنجية، مع العلم انّ الحزب لم يسمِ بعد اي مرشح، وما زال على موقفه القائل انّه «لا يرشح احداً وانما يدعم مرشحاً». وفي هذا السياق سأل البعض: ماذا لو أحدثت «القوات اللبنانية» مفاجأة بطرح إسم فرنجية لتتماهى بذلك مع الموقف الغربي والفرنسي ـ الاميركي تحديداً المنفتح على «حزب الله»، وتسعى بالتالي الى فتح صفحة جديدة مع «الحزب» في اعتبار انّها لاعب أساسي على الساحة الداخلية، بحيث تستثمر على كتلتها النيابية الكبيرة في اللعبة الداخلية، بدلاً من ان تخرج من لعبة القرار، وتكون في الوقت عينه قد اكّدت انّها «صانعة» الرئيس كما فعلت عام 2016، حيث لم يستطع «حزب الله» وحلفاؤه إيصال مرشحه العماد ميشال عون إلاّ عبرها. وفي هذه الحال، ربما تندفع «القوات» في اتجاه إبرام صفقة سياسية من شأنها ان تُفقد باسيل القدرة في فرض شروطه على رئيس الجمهورية الجديد، وتصبح شريكة لهذا الرئيس، خصوصاً اذا كان فرنجية، وكيف لا، وانّ الاخير قال في إحدى مقابلاته المتلفزة في الآونة الاخيرة، انّه في حال قدّر له ان يكون رئيساً، يرغب في رعاية لقاءات ثنائية حوارية بين الاطراف السياسية المتنازعة في ما بينها، ولا سيما منها «حزب الله» و»القوات اللبنانية».

 

وفي هذا السياق، فإنّ الجميع ينتظرون كيف سيتصرف باسيل بعد خروج الرئيس ميشال عون من القصر الجمهوري بعد ايام، وهل سيبقى على خياراته ولاءاته الراهنة؟ ام انّه سيعيد النظر في موقفه المعارض لترشيح فرنجية على الرغم من تأكيد بعض الاوساط انّه، اي باسيل، سيكون اكثر المستفيدين من وصول فرنجية الى سدّة الرئاسة؟

 

على انّ الواضح إلى الآن، انّ فرنجية نجح في النأي بنفسه عن هذا الفولكلور النيابي الدائر في نطاق الاستحقاق الرئاسي، ليبقى اسماً قابلاً للتوافق عليه في لحظة انتاج الحل المتوازن والمتكامل (رئاسياً وحكومياً) الذي يجري تحضيره في المطابخ الداخلية والخارجية، وستتكون السلطة اللبنانية الجديدة على أساسه.