في يد “نواب التغيير” و”كتلة الاعتدال” تحويل جلسة غد الخميس من مسرحية مضجرة يراقبها اللبنانيون بقرف على الشاشات، الى جلسة مفيدة تدفع باتجاه إتمام الاستحقاق وتليق بمن أعطيناهم وكالة ليمارسوا واجب الاختيار تحت سقف الدستور ومصلحة لبنان.
نخاطب “التغيير” و”الاعتدال” لأنهما صنّفا نفسيهما خارج “اصطفافي” المعارضة السيادية و”المنظومة” الحاكمة المتعارضين. ولأنهما في ظل وهْم لعب دور “بيضة القبان” يكادان يضيعان في المتاهات والإختراقات أصواتهما والآمال التي عقدت عليهما.
والمجموعتان، على تنوع المنتمين اليهما أو انشقاق نائب من هنا أو تمايز ثلاثة من هناك، خرجتا من رحم 17 تشرين أو تؤمنان بالخط السيادي في شكل عام، لذلك تتحملان مسؤولية استثمار ايجابي لقوتهما أو التفريط بقيمة ما تمتلكانه من أصوات والتسبب بتكرار تجربة العهد البائد وإسقاط البلاد مجدداً بين براثن 8 آذار.
بوسع هؤلاء النواب، الذين اقترع لهم الشعب الثائر أو المؤمن بالتغيير أو الرافض مسار ست سنوات عجاف ظلَّلها الفساد، وتبرير هيمنة السلاح وجرف لبنان في محور مناقض لمصالح شعبه ودولته، أن يبدأوا بقلب المسار الرئاسي المتعثر في حالتين: إما الذهاب الى رفع رصيد ميشال معوض من الأصوات لحشر المعطلين وخلق ديناميكية تجعل سلوكهم فضيحة محلية ودولية فيكشفون عن مرشحي غرفهم السوداء، أو جذب مؤيدي معوض الى توافقهم على شخصية نزيهة وازنة تتمتع بمواصفات رجل الدولة الحريص على تطبيق الدستور والملتزم تطبيق الطائف نصاً وروحاً، عبر سيرة توافقية عنوانها قيام دولة مكتملة الأركان تتسع لجميع أبنائها ولا تنتمي الى “الخط” الذي كان في أساس الانهيار.
نعلم أن نواب “التغيير” مهما اختلفوا في مقارباتهم لن يذهبوا الى انتخاب أحد من “المنظومة” التي وصلوا الى ساحة النجمة على أكتاف المنتفضين عليها، لكن ما يثير الاستغراب “إعتداليون” يبدون الاستعداد لتأييد ميشال معوض مدَّعين الوفاء لـ”ثورة الأرز” التي أطلقها استشهاد الرئيس رفيق الحريري، فيما هم يجاهرون بإمكان انتخاب نقيضه سليمان فرنجية، وكأن لا فرق بين خطَّين سياسيين ولا تمييز بين مَن يطالب بتطبيق وثيقة الوفاق والقرارات الدولية وإعادة لبنان الى الحضن العربي، وبين من يصر على “الوفاء” لنظام دمشق معتبراً ثلاثية “جيش شعب مقاومة” عنواناً أزلياً لطريقة حكم لبنان.
نواب “التغيير” و”الإعتدال” سيكونون غداً أمام الإختبار. الدولة تتفكك ودستور الطائف يعاني سكرات الموت تحت ضربات “منظومة الفساد”. إنتهى وقت الأوراق البيض وبالونات الاختبار واختراع الأسماء وعرض العضلات. فإما أن ينفذوا مهمة وطنية تتمثل بالدفع نحو انتخاب رئيس “إنقاذي” يريد فعلاً استعادة الدولة والمؤسسات، أو بئس ما انتجت 17 تشرين وانتخابات أيار.