Site icon IMLebanon

التغيير في السعودية يُعجّل الرئاسة؟

من يصنع الرئيس في لبنان؟ هو السؤال الاصعب لأن الإجابة عنه تتبدل وفق الظروف التي تحوط البلد، والاحتلالات التي تحط فيه وتسلب قراره الداخلي. لكن المؤكد ان كل رئيس في لبنان صُنع في الخارج، او كانت لهذا الخارج اليد الطولى في دفعه الى القصور الرئاسية، وان اختلف الاخراج بين مرة واخرى، واعطي للداخل دور اكبر في تلك العملية احيانا. لذا يجهد المرشحون عندنا لتوثيق علاقاتهم بهذا الخارج. وتختلف تلك العلاقات بين ود وتقدير واحترام، وعلاقات استتباع وعمالة. وقد شاهدنا فصولا منها في عهود مختلفة.

واذا كانت الدول الاقليمية الاكثر فاعلية في اختيار الرئيس، كانت السعودية ومصر وسوريا، واحيانا الاردن، فان الثابت ان ايران دخلت على الخط وصار لها رأي او قوة تعطيل اذا لم يكن المرشح الرئاسي يناسبها. لكن الاكيد الواضح ان للولايات المتحدة الاميركية كلمتها الفصل في الاستحقاق وان بطريقة غير مباشرة، كما لفرنسا رأيها الاستشاري في البلد الذي اعتمدها أماً حنونا بفعل ظروف الانتداب والروابط التي نشأت في ظلاله واستمرت الى اليوم.

واذا كانت الكلمة الفصل لواشنطن في معظم الاستحقاقات على رغم الكلام الكثير والخطب الرنانة عن مقاومتها ورفض قراراتها والتصدي لإرادتها، فان الحوار الاميركي الايراني وتوقيع الاتفاق في حزيران المقبل، يمكن ان يصبا في مصلحة لبنان، اذ قد يتم الاتفاق في الغرف المغلقة على امرار الاستحقاق اللبناني الأسهل من كل ملفات المنطقة العالقة، حتى قبل الموعد النهائي للاتفاق.

في الجهة المقابلة يكثر الكلام على ان ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف، ووزير خارجية المملكة عادل الجبير، مقربان جداً من مواقع القرار في الادارة الاميركية، مما يعني حكما ان اي رغبة اميركية في اتمام الاستحقاق الرئاسي، منسقة مع طهران، يمكن ان يجري تنسيقها وتسويقها مع الرياض، ليمضي عندها الانتخاب الرئاسي بسهولة، في ظل انتفاء دور دمشق ودخولها أصلاً تحت العباءة الفارسية.

هكذا يمكن ان يمر الاستحقاق الرئاسي اللبناني، من دون اي اعتبار للكلام الكثير الذي يتردد في الداخل، ولا يقوى اصحابه على الاعتراض اذا ما بانت اولى اشارات التوافق الاقليمي، وعندها سيصمت القائلون بانه استحقاق لبناني نقرره معا، وسيصمت ايضاً الذين يراهنون على خارج من دون الآخر، فلبنان كان دائما على خط تقاطع مصالح عدد من الدول، وهو يبقى حاجة لهذه الدول التي تتوافق حاليا للمحافظة على استقراره، وهو الامر عينه الذي كان في اساس قيامة حكومة المصلحة الوطنية، وهو الذي يرعى الحوارات القائمة حاليا، سواء بين “المستقبل” و”حزب الله”، او بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”.

عند ظهور الاشارات، وهي باتت قريبة، سنفرح بانتخاب رئيس نهلل له جميعا.