IMLebanon

“تغييريون” يفتحون على باسيل: مبادئ مطّاطة في سوق الأدوار المفترضة

 

 

 

يسود الإنقسام صفوف نواب «التغيير» الـ13 خصوصاً بعد عدم قدرتهم على الإتفاق على اسم واحد مرشح لرئاسة الجمهورية وانفصالهم بطريقة خيّبت آمال الشعب الذي انتخبهم وراهن عليهم لإحداث الفرق. إذا كان البعض يبرّر لنواب «التغيير» تشرذمهم وانفصالهم ويُعيد الأمر إلى عدم وجود خبرة سياسية، فإنّ مصير البلد لا يحتمل المغامرات وتطبيق أجندات لا دخل للثورة فيها، ويبرز في هذا السياق، الإعتصام النيابي المفتوح الذي ينفّذه النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا، والذي قيل إنه حصل بدفع من رئيس مجلس النواب نبيه برّي وذلك لضمان عدم تعطيل النصاب في حال أمّن «الثنائي الشيعي» الـ65 صوتاً لمرشحه رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، وضمن حضور كتلة رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، وبذلك يكون أحرج نوّاب «الثورة» وأمّن رقماً إضافياً للنصاب.

 

لكن ما هو جديد أيضاً أنّ «التغييريين» يتواصلون مع «التيار الوطني الحر»، إما من خلال بعض النواب العونيين أو مباشرة مع باسيل بعدما بنوا انطلاقتهم السياسية على معاداة أركان المنظومة التي دمّرت البلاد، وتبنّوا نظرية «كلّن يعني كلّن».

 

وفي المعلومات، أن هناك نوّاباً «تغييريين» يتواصلون مع «التيار الوطني الحرّ» وباسيل. فالنائب خلف يتواصل تحت عنوان إيجاد مخرج لإنهاء التعطيل الرئاسي ومحاولة الإتفاق على اسم رئيس يرضى عنه الجميع، أما زميله النائب ابراهيم منيمنة فيفتح قنوات إتصال شبه يومية مع نواب «التيار» ويبرّر بأنّه تواصل الضرورة ويأتي تحت عنوان «تقني» لأن لـ»التيار» كتلة وازنة في المجلس النيابي يجب التواصل معها.

 

أما النائب ميشال الدويهي فيضع تواصله مع «التيار الوطني الحرّ» تحت إطار البحث عن حلول وطنية، وهو يتصرّف كأنه مرجعية في قضائه زغرتا، ويستطيع إبرام تسويات أسوة بالشخصيات والأحزاب السياسية. أما الأجرأ والذي كشف ما كان يُحكى في الخفاء، فهو النائب مارك ضو، إذ فضح كلّ ما يحصل وأكّد وجود نقاش جدّي مع «التيار الوطني الحرّ» يتناول الأزمة الرئاسية واسم الرئيس.

 

ويشكو عدد من ناشطي الثورة من تصرّفات نوّابهم حيث بدأوا يمارسون لعبتهم السياسية بهدف حجز دور لهم في مكان ما، بينما يرفضون تواصل أي جهة سياسية أخرى مع «التيار» ويكيلون بحقّها الاتهامات. ويبدو أن «التيار الوطني الحرّ» يستغلّ نقطة «حب» بعض النواب للعب دور، ويأخذهم بـ»المفرق» ولن يصل الحوار إلى أي نتيجة، في حين يبرّر هؤلاء النواب تارة بأهمية الاستحقاق الرئاسي وطوراً بالتنسيق حول الملفات الاقتصادية والمالية.

 

ويُسقط كلُّ ما كُشف كلَّ الخطابات السابقة والمواقف من معاداة المنظومة الحاكمة وإسقاط رموزها. فباسيل ليس فقط رجل العهد الأول أثناء ولاية الرئيس ميشال عون، بل هو رئيس تيار سياسي غطّى ممارسات «حزب الله» ومنحه الغطاء المسيحي، واستغلّ «الحزب» هذا الغطاء من أجل بسط سيطرته على مفاصل الدولة وتدعيم «دويلته» الخاصة.

 

قد لا تكون هناك مشكلة في تأدية أي نائب أدواراً عدة، لكنّ ذهابه تماماً عكس ما وعد به ناخبيه وبنى كيانه السياسي عليه، ليفتح قنوات إتصال مع من هم في صميم السلطة من تحت الطاولة بينما يُبعد نفسه ويخلق شرخاً مع قوى معارضة تشاطر جمهور الثورة المبادئ نفسها، فهو أمر يشكّل فصلاً من فصول كتاب «الأمير» لماكيافيللي وخصوصاً مقولته الشهيرة «الغاية تبرّر الوسيلة».

 

أفرزت الانتخابات النيابية عدداً من النواب ظنّوا أنفسهم «أمراء صغاراً» لا يُحاسبون، فهل يأخذ هؤلاء في الاعتبار الإنتخابات المقبلة أو يعوّلون على محدودية ذاكرة الشعب وتمويل ودعم من يساعدهم في الوصول في المرة الثانية؟ أو ربما ينسجون تحالفات وتقاربات مع أرباب السلطة التقليدية بدل المعارضة الحقيقية ليكون لهم دور في التنفيعات والمحاصصة، ليساهم ذلك في تأمين مستقبلهم السياسي؟