من حقيبة النهار الديبلوماسية
مسؤول غربي بارز معني بالتطورات في سوريا والعراق وبملف الحرب على تنظيم “داعش” والإرهابيين قال في جلسة خاصة في باريس “ان أميركا والدول الغربية والإقليمية البارزة المتحالفة معها وفي مقدمها فرنسا وبريطانيا والسعودية متفقة تماماً على ان رحيل الرئيس بشار الأسد والمرتبطين به عن السلطة وقيام نظام سوري جديد على أساس التفاهم والتعاون بين قوى المعارضة المعتدلة وعناصر من النظام عاملان ضروريان وحيويان من أجل القضاء على الإرهابيين. الأسد وبعض المقربين منه يتصورون ويتوهمون انهم قادرون على استغلال العمليات الإرهابية الخطيرة التي شهدتها فرنسا كما تشهدها دول أخرى لمحاولة إقناع الغربيين بضرورة التعاون مع النظام السوري في الحرب على الإرهاب، وقت يتحرك المسؤولون الأميركيون وحلفاؤهم ويعملون على أساس ان بقاء الأسد في السلطة ومواصلة الحرب ضد الشعب المحتج يعرقلان الجهود المبذولة لاحتواء الخطر الإرهابي وإزالته”. وأوضح المسؤول “أن الأميركيين يتفقون مع حلفائهم على أن الاستراتيجية الناجحة للقضاء على الإرهاب تتطلب تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي الآتية:
أولاً – رفض أي نوع من التعاون مع نظام الأسد ومواصلة الغارات والهجمات على مواقع “داعش” والإرهابيين ومنشآتهم في سوريا والعراق ودول أخرى وتعزيز التعاون في مجالات عدة بين الدول الغربية والإقليمية الحليفة.
ثانياً – العمل الجدي وبوسائل متنوعة من أجل ضمان المطالب المشروعة لكل مكونات الشعبين السوري والعراقي وتنفيذ بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 وتشكيل هيئة حكم انتقالي في سوريا تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتخضع لها كل أجهزة الدولة ومؤسساتها وتنهي حكم الأسد تمهيداً لقيام نظام ديموقراطي تعددي.
ثالثاً – قيام تعاون حقيقي وجدي في إشراف السلطة الانتقالية بين قوى المعارضة المسلحة المعتدلة وعناصر الجيش السوري النظامي المتحرر من سلطة الأسد، من أجل تنفيذ عمليات مشتركة ضد “داعش” والإرهابيين تساندها أميركا والدول الحليفة لها جواً وبراً. وتدخل عمليات تدريب وتجهيز آلاف المقاتلين من قوات المعارضة المعتدلة في إشراف الأميركيين ضمن نطاق هذه الاستراتيجية”.
وأفاد المسؤول الغربي “ان الادارة الأميركية أطلعت
القيادة الروسية على هذا المخطط وطلبت منها التعاون معها لضمان نجاح عملية انتقال السلطة الى نظام جديد والضغط جدياً على الأسد ودفعه الى الرحيل مع المرتبطين به، لكن الروس رفضوا تقديم أي تعهد في هذا الشأن الى الأميركيين”.
وركز المسؤول الغربي على مسألة مهمة هي ان الأميركيين وحلفاءهم يدركون تماماً ان الأسد فاقد القدرة والشرعية والأهلية وانه عاجز عن تقديم أي مساعدة أو خدمة مجدية الى الدول التي تحارب الإرهاب وهذا مرده الى العوامل الأساسية الآتية:
أولاً – قبل اندلاع الثورة الشعبية في آذار 2011 كان نظام الأسد قادراً على التعاون مع الغرب في مجال مكافحة الإرهاب لأنه كان يسيطر على كل المناطق السورية ويمتلك أجهزة عسكرية وأمنية ومخابراتية قوية ومؤثرة ويقيم علاقات جيدة مع دول إقليمية وغربية بارزة. لكن الوضع تبدل جذرياً بعد الثورة إذ ان الدولة ومؤسساتها تتفتت وتتهالك والنظام فقد السيطرة على أكثر من ثلثي سوريا وليست لديه قوات كافية لاستعادة المناطق التي خسرها.
ثانياً – لا وجود للنظام في المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش” وتنظيمات متطرفة أخرى وهو عاجز عن اقتحامها ويجهل ما يجري فيها. والمقاتلون الأجانب والإرهابيون يأتون الى هذه المناطق من طريق حدود غير خاضعة
لسلطة النظام ويضعون فيها خططهم بمعزل عن رقابة أجهزة الأسد.
ثالثاً – المسؤولون الأميركيون وحلفاؤهم يملكون أدلة ومعلومات أطلعوا الروس على البعض منها، تكشف ان نظام الأسد تواطأ مع “داعش” من أجل إضعاف المعارضة المسلحة المعتدلة، وهم على اقتناع بأن هذا النظام جذب الإرهابيين الى سوريا إذ إن حربه أدت الى نشوء فوضى واسعة وفرت مأوى آمناً للقوى الإرهابية. وقد صرح المسؤولون الأميركيون والغربيون مراراً وعلناً بأن الأسد و”داعش” وجهان لعملة واحدة وان الرئيس السوري هو المسؤول عن تحول سوريا قاعدة أساسية للنشاطات والأعمال الإرهابية التي تستهدف دولاً أخرى”. وخلص المسؤول الى القول: “ان الأسد ينتقل من وهم الى آخر إذ ان التعاون معه في الحرب على الإرهاب أو في أي مجال آخر يعني مشاركته في حربه على شعبه المحتج ويمنع إنجاز الحل السياسي الحقيقي الشامل للأزمة. وهذا أمر يستحيل أن تقبله أميركا والدول الحليفة لها”.