Site icon IMLebanon

“التيار” المتغيّر والحلفاء الثابتون

لم يفصح الوزير باسيل في مهرجان الحدت عمَّن قصد بالناهبين والمتحاصصين مهدداً بقلب الطاولة، لكنه جعل حلفاءه الأقدمين والمحدثين يقولون: ما أروعه من حليف. أما ما جاهر به فزيارته لدمشق. وإذا كان القرار غير مفاجئ ويتبع تكراره دعوة الجامعة العربية لإعادة مقعد النظام السوري فإن وقوعه يوم 13 تشرين يجعله مصادفة مؤلمة وفاضحة في أقل تقدير.

ففي ذكرى 13 تشرين المشؤومة التي يحتفل بها “التيار” ببطولات الجيش اللبناني في مواجهة الجيش السوري، ويتذكر اللبنانيون بحرقة إحتلال القصر الجمهوري ووزارة الدفاع، ليس ما يوحي بأن عهد بشار الأسد الذي يستميت وزير خارجيتنا للتطبيع معه، غير عهد الأسد الأب الذي هندس عملية 13 تشرين وتسبب في هزيمة قاسية لكل اللبنانيين، متوجاً هندسة دمشق لانحلال الدولة منذ العام 1969.

وفي المقابل لا شيء يشير الى أن حلفاء “التيار” اللبنانيين غيّروا نظرتهم الى تلك المرحلة وقت كانوا شركاء في الهجوم والتخطيط، بل لا يزالون يعتبرون الرئيس السوري قدوتهم في ممارسة الحكم “الديموقراطي”.

وحده “التيار” تغير في شكل جذري. فبدَّل نظرته الى الحلفاء والخصوم ودور لبنان الاقليمي، مستدخلاً منظري الوصاية في بنيانه الداخلي الفكري والتنظيمي.

وصول “التيار” الى السلطة كان حاسماً في خطابه السياسي، وكانت تلك الرغبة الجامحة محركاً لتبديل التحالفات وإعادة صياغة المواقف في ظل شعارات بينها “سوريا صارت في سوريا”، و”قاتلنا بشرف ونصالح بشرف” وسائر ما يدعم النقلة الانقلابية بين خُطب “قصر الشعب” النارية و”الكتاب البرتقالي” وبين الخطاب التبريري الذي يجعل من الشعبوية والمحاصصة والحديث عن حقوق المسيحيين بديلاً من الموقف المبدئي.

يمكن لـ”التيار” المحاججة بأن السياسة مصالح تغيِّرها التطورات. نعم. لكن فلنلاحظ ماذا حصل منذ بدأ “تسونامي” التيار العوني في اجتياح الحكومات بعشرة وزراء ثم في تشكيل أكبر كتل البرلمان ثم بتوصيل الجنرال الى الكرسي الرئاسي. ولنطرح أسئلة بديهية علّنا نكتشف ماذا حققت سياسة “التيار” للبنان وليس للخاصة والمبشَّرين:

• هل تحسّن الوضع الاقتصادي أم أننا على شفير الافلاس؟

• هل تطورت علاقاتنا العربية أم في الحضيض؟ وهل علاقاتنا الدولية بأفضل مراحلها أم تحت مجهر المجتمع الدولي وسيف العقوبات؟

• هل اتجهنا نحو الدولة السيدة أم مستمرون بتبرير السلاح غير الشرعي؟

• هل تغيرت “سوريا الأسد” إزاء الشعب اللبناني حدوداً وأطماعاً ورغبة في عودة الهيمنة؟ ومن غير أن نسأل عن علاقتها بالشعب السوري.

• هل اتّضحت نظرة حلفاء دمشق وطهران في شأن “أي لبنان نريد”؟

• هل توقف اللبناني عن الركض وراء الرغيف أو التأشيرة للهجرة الى بلد بعيد؟

جملة أسئلة يجب طرحها بجدية على “التيار” العوني لأنه دينامو “العهد القوي”. فإما أن يساهم في إنقاذ البلاد عبر التوقف عن الارتماء بلا شروط في أحضان الأسد والمحور الايراني، أو يستمر برهانه الخطير معتبراً مصلحة مجموعة حاكمة فيه أهم من مصلحة لبنان واللبنانيين.