في لبنان عالم يتغيّر.
أو يشهد انهياراً.
في واقعه أحياناً.
وفي طبيعة تكوينه حيناً.
وما يحدث في كازينو لبنان صورة عما يسود في سواه.
والفساد، لا يستشري في المرافق العامة.
ولا في المؤسسات الخاصة.
ويقول العارفون ان بعض الفساد عمره، من عمر الاستقلال.
قبل ربع قرن جرى تعيين مسؤول في مرفق أساسي.
عندما ذهب لتسلم موقعه، فوجئ بأن الذين يقبضون ولا يعملون، هم السائدون والنافذون.
ذهب، وبحث، وسأل عما يعمل، ليعمل في المرفق المعيّن فيه.
ويقال انهم نصحوه باستئجار أقوياء.
سألهم: هل استشري المتاعب لاتخلّص من متاعب؟
أجابوه: لا حلّ لكم إلاّ بذلك.
لكنه أحضر عددا محدوداً من الأقوياء، ليواجهوا الأقوياء.
بعد مدة هشل القدامى، من سطوة الأقوياء الجدد.
لكن هذا الاجراء تحوّل الى مشكلة جديدة، مقابل مشكلة قديمة.
منذ نصف قرن، ولبنان مريض في مسؤوليه.
ومريض في ادارته.
ومريض من فوق.
وعليل من تحت.
والعلّة واحدة: السلطة تتصرّف وكأنها سلطة تتعايش مع الخطأ السائد.
ولا تعمل بوحي من القانون.
ولا تطبّق الدستور.
بعد اعلان اتفاق الطائف.
وسريان الوصاية على البلد، وقعت المشكلة الكبرى.
أصبحت الوصاية تختار النواب في بعض المناطق.
وتختار لكل منطقة نظاماً انتخابياً.
وتفرد لكل نافذ قوانين.
أما الدستور فهو وحده باقٍ من دون تنفيذ.
ومنذ العام ١٩٩٠، صار الموظف تختاره طائفته.
أو الزعيم الأقوى في الطائفة.
وأصبح لكل موظف مرجعيته السياسية والروحية.
وهكذا فرطت الدولة!
وساد المنطق العشائري في السلطة.
وفي معظم المرافق.
ومشكلة موظفي الكازينو تفرّعت عن هذه الآفة الادارية.
ومن عمل أو قبض من دون أن يعمل، ليس حقاً، ان تصرفه من الخدمة، وترميه في الشارع، ولو قبض تعويضاً.
ومن سار على هذا المنوال سنوات، لا يمكنه أن يعيش بعد قذفه الى الشارع.
في لبنان، كما في الجوار، ثمة عالم ينهار، وبكلمة أكثر تهذيباً، هناك عالم يتغيّر.
والتغيير ليس عيباً، لكن العيب أن ينطوي التغيير على التخلص من دون انصاف، لا في الراتب، بل في مستقبله ومستقبل عائلته.
انه العيب!!