لا يستحقّ «شربل خليل» حتى أن نذكر اسمه في هذه المقالة، ولا يستحقّ أكثر من لغة «ترهيب» أشرف الناس له وقطع الطرقات وإحراق الإطارات، أمثاله لا يفهمون إلا لغة الخوف والجبن، إلا أنّ ما افتعله المذكور أعلاه، وطلب مقاضاته من أكبر مرجعيّة إسلاميّة سُنيّة في لبنان ـ فيما التزم شيعة حزب الله وسواه الصمت باعتباره حليف ـ استدعى أن نفتح ملفاً شائكاً وحساساً للغاية، ومن دون أدنى شكّ المسلمون ـ لا الإسلام ـ اليوم في أزمة كبرى، لكنّها ليست أولى الأزمات، ولن تكون آخرها…
أعترف كمواطنة لبنانيّة ـ مسلمة ـ أنّنا نعيش في لبنان وفي هذه المرحلة بالذات مواجهة صامتة، وعلى جميع المستويات، «إرهابيّة ـ إرهابيّة» بين تطرفيْن «داعش» و»حزب الله»، وسُنيّة ـ شيعيّة» في مواجهة إقليمية كبرى بين سًنّة العرب ـ وشيعة الفرس»، و»سُنيّة ـ سُنيّة» بين أهل التطرّفٍ وأهل الاعتدال، ومواجهة صامتة «مسيحيّة ـ إسلاميّة» يحاول فيها أهل الحكمة كـ»القوات اللبنانيّة» تغليب الاعتدال ورسم حدود التعقّل، وأهل التطرّف وإثارة الفتن كجماعة «شربل خليل» ـ ويا ضيعان اسم شربل فيه ـ ويقتضي واجبنا أن نقول الحقائق كما هي، لأنّ الصدق في توصيف ما يعتري المشهد اللبناني هو الوسيلة الوحيدة لمعالجة كلّ هذا الاحتقان…
استوقفني بالأمس تعليق لصديقة في العالم الفايسبوكي الافتراضي ـ وهي من أهل الاعتدال المسيحي ـ تساءلت فيه «لماذا لا يخرج المسلمون في تظاهرات كبرى ضدّ «داعش» كما خرجوا ضدّ الرسوم المسيئة، واعتبرت صمتهم على ما تفعله «داعش» هو علامة رضى عن هذه الأفعال»، وللأمانة مسيحيّون كثر سجّلوا موقفاً ضدّ «شربل خليل» وكتبوا «لا يمثّلني»، وجذريّة المشكلة أبعد بكثير من صراع بين «حريّة التعبير» واعتبار المذكور أن اللجوء إلى القضاء هو أمر «داعشيّ»، في السياسة نحن أمام مجموعة تستقوي بسلاح «أشرف الناس»، ولكن في الأزمة الكبرى، الاعتداء على الإسلام ونبيّه وقرآنه «عمره من عمر البعثة النبويّة الشريفة»..
للأسف، تمزّق المسلمون فرقاً يكفّر بعضها بعضاً ويقتل بعضها بعضاً، وما لم نعترف بأن المسلمين في أزمة فهم للإسلام، وأنهم في حال ضياع «أي إسلام»؟ وحال غيبوبة عن رؤية الصورة الحقيقيّة بأنّ الإسلام هو «إسلام محمّد»، لا إسلام الإخوان المسلمين ولا الجماعات الإسلامية ولا المجموعات السلفيّة، وليس إسلام ابن باز ولا ابن تيميّة ولا محمّد بن عبد الوهاب، ولا إسلام يوسف القرضاوي ولا حماس ولا تنظيم القاعدة ولا بوكو حرام، وليس إسلام «داعش» بطبيعة الحال، ثمّة أزمة كبرى يعيشها المسلمون، ويتجاهلون الاعتراف بها، وحالهم كمريض يُنكر مرضه، وفي غمرة مشهد الإرهاب العالمي، وأمام نظريّة المؤامرة الصهيونيّة، ومعادلة سياسية تكاد تصيب متابعها بالجنون، يتوجّب عليّ القول إنّ جملة شربل خليل «جهاد النكاح تحت راية الرسول»، هي اعتداء عابر، لا أكثر ولا أقلّ!!
اليوم، بات لزاماً علينا أن يخرج العقلاء والحكماء لإعادة صياغة»حرب الحضارات» و»حوار الحضارات»، في لحظة تعيش فيها المنطقة حال «التدمير الذاتي»، لأنّ الاعتداء على شخص رسول الله وعلى الإسلام والقرآن بدأ في مكّة، وبدأتْه قريش، ووثّق كلّ هذه القرآن الكريم، لذا الأمر يحتاج إلى التفاتة صادقة تعيد قراءة أحداث الصراع التاريخي بين كلّ هؤلاء، و»تافهٌ» كـ»شربل خليل» لا مكان له في التاريخ الماضي، ولا التاريخ الآتي، وللحديث غداً تتمّة.