اين تكمن القطبة المخفية التي منعت الوصول الى اقرار قانون انتخاب جديد هل هي في الصراع الدائر بين الاقطاع السياسي الفتي الجديد والاقطاع القديم الممثل بالبيوتات السياسية العريقة، ام في الفرز الديموغرافي المذهبي الحاد على الساحة المحلية، ام في لحظة الاشتباك الاقليمي والدولي بين المحاور وخصوصاً في سوريا، ام في مراهنة البعض على اندلاع حرب بين «حزب الله» والعدو الاسرائيلي تطيح باجراء الانتخابات النيابية والبنى التحتية معاً، وما يعنيه الامر على صعيد التنظيمات التكفيرية من «داعش» و«النصرة» ومشتقات «القاعدة» على الساحة المحلية كونها ربيبة «الموساد» وهدفها الاول والاخير يختصر بما ادلى به الارهابي م. الصفدي اثناء التحقيقات ان هدفه لتفجير نفسه في مقهى «كوستا» قتل الروافض اولاً والنصارى ثانياً والوصول الى الجنة ثالثاً!
الاوساط المواكبة للمجريات تجيب ان اللحظة الاقليمية التي تقاطعت فيها المصالح لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية انقلبت رأساً على عقب، وان التجاذبات الاقليمية اطاحت بالتوافق على اقرار قانون انتخاب جديد يعيد انتاج السلطة السياسية في ظل التحالفات المحلية الموزعة بين معسكرين متخاصمين اقليمياً ينتظران جلاء الصورة للادارة الاميركية بعد وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى البيت الابيض في مرحلة تتشكل فيها تضاريس «تقسيم المقسم» وفق توصيف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان سباقاً في دعم وزير الداخلية نهاد المشنوق الى توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق القانون النافذ رقم 25 والمعروف بقانون الستين قبل فترة من توقيعه عليه.
وتضيف الاوساط نفسها ان المشنوق سبق وابلغ عون بذلك، ولكنه جوبه ب معارضته ذلك وما قام به وزير الداخلية وفق بري ليس موجهاً ضد رئيس الجمهورية بل اقدم على تنفيذ ما املاه عليه الدستور، وكذلك فعل رئيس الحكومة سعد الحريري بالتوقيع عليه ليأخذ مساره الطبيعي الى رئاسة الجمهورية المعروف موقفها من قانون الستين ومن التمديد للمجلس النيابي حيث يفضل عون الفراغ على الخيارين معاً، علماً أن بري يشارك الرئاسة الاولى في الموقف ولو كان المجلس النيابي «سيد نفسه»، كون «ابو مصطفى» يرى في موقف رئيس الجمهورية خطوة تحفيزية على قاعدة التلويح بالعصا دون استعمالها تضع الجميع امام مسؤولياتهم حيال اقرار قانون انتخابي جديد يقوم على النسبية او المختلط دون ان يلغي احداً، ويراعي هواجس رئىس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي يرى في تعديل قانون الستين اخراجا من المأزق مودعاً هواجسه لدى بري «ونام مرتاحاً».
وتشير الاوساط الى أن الحريري لا يقف عائقاً أمام اقرار قانون انتخابي جديد ولو اعتمد النسبية وقد تباحث في الامر على هامش احدى الجلسات لمناقشة ارقام الموازنة مع الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل من اجل انجاز قانون الانتخاب واحالته الى المجلس النيابي بعد مناقشته في مجلس الوزراء ليخرج ليس على صورة اقتراح قانون بل مشروع قانون وبمرسوم ايضاً.
وتقول الاوساط ان الحريري استدعى الى السراي الكبير وزير الداخلية السابق مروان شربل وفق المعلومات ليستوضح منه الصيغة التي اعدها في حكومة ميقاتي بدوائرها الـ13 وعلى اساس النسبية بما يوفر تمثيلاً لكل القوى اكثرية كانت ام اقلية او في المعلومات ايضاً ان شربل اكد للحريري ان صيغة القانون الانتخابي الذي اعده آنذاك اذا ما اعتمدت فان كتلة تيار المستقبل لن تخسر عدداً بل ربما ستزيد حجمها او تقلب معدلات الاصوات وتوزعها بين الاحزاب المتنافسة على خوض الانتخابات وتبقى العقدة الجنبلاطية آخر حلقة امام انجاز القانون العتيد عسى ان يتولي الرئىس بري حلها كونه حلال العقد.