Site icon IMLebanon

إتهام هجين وحُكم هزيل لإخلاء حتمي

إعترف ميشال سماحة في التحقيقات الأولية وأمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة العسكرية الدائمة وأمام محكمة التمييز بمسؤوليّته عن الجرم المنسوب إليه، بعدما لقّن ميلاد كفوري الأهداف، منها اغتيال نواب ومشايخ والتفجير في إفطارات رمضانية…

كما ثبُتت علاقته بالأركان الأمنية للنظام السوري وهما علي المملوك وعدنان، تبعاً لعلاقته برأس النظام السياسي في سوريا، واللذين خطّطا ودبّرا لهذه الجرائم، فجاء سماحة ليُنفذ لأنّه «موضوع قابل» كما قال في اعتراف علني له أمام المحكمة العسكرية.

كل ذلك وقد فات عن القرار الإتهامي تشديد مواد الإتهام، مثل اتهامه على سبيل المثال لا الحصر بالمادة /274/ التي تنص على إنزال الأشغال الشاقة المؤبدة بكل مَن دسَّ الدسائس لدى دولة أجنبية أو اتصل بها ليدفعها إلى مباشرة العدوان على لبنان وليوفر لها الوسائل إلى ذلك ومعاقبته بالإعدام إذا أفضى فعله إلى نتيجة.

فالحكم الصادر عن المحكمة العسكرية جاء هزيلاً، بمعنى أنّه أصدر عقوبة مخفّفة لجريمة كبرى، حيث جاءت الإجراءات المعتمدة في هذه المحاكمات لتصدر حكماً سريعاً من دون الإحاطة بسائر العناصر الجرمية أو بالحكم على بعض الفاعلين من دون البعض الآخر، في حين أنها تشكل جريمة مترابطة قد تمثّل ذلك عندما فصلت المحكمة جريمة المملوك وعدنان عن جريمة سماحة، على رغم أنّ هذه الجريمة مترابطة لجهة الفعل الجرمي والهدف والأدوات المستخدمة…

كما حجب الإتهام أصلاً المسؤولية عن الآمر الناهي على رغم اعتراف سماحة بأنه تلقّى أمراً من بشار الأسد، ثم أطلعه اللواء علي المملوك ومساعده العقيد عدنان على إجراءات التنفيذ، فتجاهلَ الحكم مسؤولية المتهم ومشغليه Qui ont mis en œuvre le processus de l’exécution de l’acte terroriste.

وقد أُهملت في هذا الحكم إجراءات تتعلق بصلاحية المحكمة (لجهة أهلية أعضاء الحكم فيها)، وأهملت العديد من الأصول الجوهرية، وحصل خطأ في تطبيق القانون لجهة تطبيق المواد الجرمية على ما ورد في أسباب نقض الحكم.

وقد جاء الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة في هذا الصدد ليزيد الطين بلة، فحَجب عنه الإدانة وفقاً للمادة /549/ ولم يتشدّد في تطبيق أحكام المادة /335/ فأدين بالأشغال الشاقة الموقتة لمدة أربع سنوات ونصف، ومع احتساب السنة السجنية تكون محكوميته قد انقضت بعد انقضاء ثلاث سنوات وما يقلّ عن خمسة أشهر، في حين يُحاكم من يتصل بالعدو الإسرائيلي بعقوبة تصل إلى حدود 20 سنة إعتقال، وأحياناً كما حصل مع فايز كرم لأقلّ من سنتين!

ما يطرح أكثر من علامة استفهام حيال التناقض في الأحكام التي تصدر عن المحكمة العسكرية للفعل الجرمي ذاته، حيث يعطى هذا الفعل وصفاً جرمياً مختلفاً مرة عن الأخرى!

أمام كل هذا الواقع، هل نسأل بعد أو نفاجأ بقرار إخلاء السبيل؟ ألم يقل Freud «لا تسأل عن الواقع الذي أنت فيه بل إسأل عن المنطق الذي اعتمدته للوصول إلى هذا الواقع؟».

وهنا إذا اطلعنا على القرار الإتهامي والحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة، فلا تسألنّ بعد اليوم عن النتيجة التي انتهت إليها هذه القضية، فاليوم إخلاء سبيل وغداً تصديقٌ للحكم المنقوض أو إخراج «ما بين بين» لمحاكمة أَسقطت بعض الشعيرات من رأس سماحة من دون أن تسقط شعرة واحدة من رأس الأسد، لتضحى جرائم من يعتبر شقيقاً من قبيل الزبيب، فلا تضلّوا الطريق.