IMLebanon

اتهامات جزاف وحقيقة جرمية يُراد طمسها

تواصلت المزايدات والاتهامات الجزاف طيلة الايام الماضية، بهدف التعتيم على المفصل الاساس في قضية العسكريين المختطفين الشهداء: قضية التحقيق القضائي لمعرفة من قتلهم، وأين، وكيف، ومتى. افتراض ان كل هذا صار وراءنا هو افتراض سيئ. والادهى ان يكون هناك من يريد مواصلة الابتزاز في هذا الموضوع انما على اساس طمس الاساس. طمس الجريمة. مرة بحجة ان السياق السياسي هو مضمار التهديف، وتحميل الاوزار. مرة اخرى بحجة ان كل هذا لم يعد ممكناً ان نعلمه، ولا يستأهل التركيز، ما دام التركيز يجب ان يحصر في اثنتين، إما مواصلة احتفالية النصر، على طريقة الممانعة، وإما الانخراط في لعبة ابتداع «داعش بكرافات» وهمية، في مقابل الصفقة مع المجموعة المتنسبة الى داعش، وتسهيل مرورها ضيفة على النظام السوري لايام طويلة.

هناك ملف قضائي اساسي. يتصل بجريمة خطف وقتل العسكريين. حتى لو ان جزءاً اساسياً من دائرة الجرم سهّل لها الفرار، فإن الملف ينبغي ان يُفتح. لان هذا الملف هو بالحد الادنى تعريف لجوهر القضية الآن: انها تتضمن حقيقة مطموسة. مطموسة بباصات أقلّت الجناة. ومطموسة بالمهاترات التمييعية والتعتيمية على القضية.

لا يعني هذا ان الشق السياسي من المساءلة هامشي. ابداً. لكنه ينبغي ان يتكامل مع الاساس القضائي للقضية: اننا لا نعرف بعد كيف قُتل العسكريون ومتى، في اية ظروف، ولماذا في تلك اللحظة بالتحديد قتلوا، ولماذا لم يطلب من الجناة قبل صعود الباصات الارشاد لمكان الرفات.

لكن عن اي شق سياسي من المساءلة نتحدث؟

في بلد عبر آلاف المقاتلين منه الحدود نحو البلد المجاور للمشاركة في حرب طائفية الى جانب نظام استخدم السلاح الكيماوي، دون اذن رسمي لبناني. هذا غير فيض كثير من موجبات المساءلة، سياسية او امنية او اقتصادية او مالية او بيئية او قضائية متراكمة ومؤجلة. في بلد يعيش الاستعصاء المطلق لأي مساءلة، صارت مهاترات البحث عن كبش فداء هنا او هناك مضجرة كثيراً.

صيف الجرود بدأ يخلي المشهد لخريف يبدو انه سيثير مجموعة اخرى من المسائل السيادية والقضايا العالقة والالتهابات المراد نكؤها مجدداً، كل هذا مع عودة التحليق الاسرائيلي المعادي. في ظروف محتقنة كهذه، الافضل البحث عن بعض من روية، بدل البحث عن الابتزاز طول الوقت.

لقد كان صيفاً متعباً. أتعب اللبنانيين بفائض انتصارية صاخب، ثم بفائض استهانة بأعصابهم ومشاعرهم، ثم بفائض استهانة بعقولهم. في نهاياته، وبعد ان تلهى اللبنانيون قليلاً بحسابات الحرب في شبه القارة الكورية، عادوا الى مربع حسابات حرب جديدة اسرائيلية. ومرة جديدة يُطرح السؤال، هل هناك في الداخل اللبناني، طرف مؤثّر على مجرى الجولة الجديدة من التوتر والكباش، مع العدو، غير «حزب الله»؟ اما ان كل ما عداه، مجتمع سياسي ومجتمع مدني, عليهم الاكتفاء بمتاهة الحسابات، كما لو كانوا يتناولون الأزمة الكورية؟