Site icon IMLebanon

لا حلّ إلا بديغول لبناني… ولكن كيف تتحقق الأعجوبة؟

 

 

 

الإحتلال الإيراني للبنان والذي ولّد الأزمة التي يتخبط بها لبنان منذ سنوات، على الأقل منذ بداية عهد ميشال عون، هذه الأزمة عانت مثلها تماماً فرنسا، أمّنا الحنون، في حرب استقلال الجزائر ولم تخرج منها، ولا كان بالإمكان الخروج منها لولا شخصية تاريخية فرنسية ضخمة هي الجنرال شارل ديغول!

 

 

كانت الجزائر تطالب باستقلالها وحملت السلاح من اجل ذلك وكانت السلطة في باريس منقسمة ضعيفة ممزقة، وكان في الجزائر مليون فرنسي وتسع ملايين جزائري!! وكانت السلطة الفرنسية تنكل بالجزائريين لتخمد حربهم وثورتهم من اجل الاستقلال! وصار الجيش الفرنسي كله في الجزائر لكي يحكم المليون فرنسي التسعة ملايين جزائري! وانهارت فرنسا وانهارت بطبقتها السياسية، فتصدى الجيش وحقق أعجوبة!

 

كانت السلطة في باريس غير مستقرة وضعيفة اقتصاديا وسياسياً وانعكس ذلك على التعليم وعلى الصحة وعلى… وعلى… وصار لكل فرنسي رأي عكس رأي الفرنسي الآخر. وصارت فرنسا على ابواب حرب أهلية!

 

تماماً كما في لبنان الذي هو اصغر كثيراً من فرنسا، ولكنه يعاني اليوم من نفس الأزمة الفرنسية!

 

كانت الطبقة السياسية الفرنسية فاسدة مترهلة منقسمة كما الطبقة السياسية اللبنانية اليوم!

 

وكان الجيش الفرنسي هو الذي تصدى للأزمة ولكنه زادها تعقيداً، ثم كان هو الذي أخرج فرنسا من ازمتها التاريخية التي جعلت العالم بأسره يقاطع ويدين فرنسا على موقفها في حرب الجزائر.

 

ايضاً في لبنان نحن محاصرون من العالم قاطبة والعالم يديننا على ما نفعله ببلدنا، ولكن الذي يتصدى للأزمة ويزيدها تعقيداً ثم يمكنه ان يُخرج لبنان منها، ليس الجيش كما في فرنسا بل القضاء في لبنان.

 

في الجزائر قام الجيش بإنقلابين، الأول على السلطة في باريس وطالب الجيش بأن يتسلم الحكم الجنرال ديغول، وصرخ الفرنسيون في الجزائر «عاش ديغول»، وقتها قال لهم ديغول وهو يُطلّ من شرفة السراي في الجزائر «فهمتكم» “Je vous ai compris”. ثم تبيّن أنه فهم الجزائريين أيضاً، ثم تبيّن أنه فهم حقيقة الأزمة الفرنسية، ثم استطاع ان يُخرج فرنسا من أزمتها الجزائرية التاريخية. كان ذلك في الإنقلاب الأول، ثم حصل الإنقلاب الثاني ولكنه هذه المرة ضد ديغول نفسه، ولكن ديغول استطاع ان يقمع الإنقلاب الثاني وينتصر على الإنقلابيين في الجيش الذين لم يعجبهم الحلّ الذي وجده ديغول للأزمة الجزائرية.

 

وكان الضباط الانقلابيون في الانقلاب الثاني يُعدّون العدة لغزو باريس واسقاط ديغول، ولكن، كان يكفي ان يطل ديغول على الجيش الفرنسي ليقول له: «انا الجنرال ديغول اخاطب الضباط والعسكر واقول لكم ان مجموعة فاشية من الجنرالات تقوم بحركة تمرد فلا تطيعوهم…»، ولبّى الجنود والضباط الفرنسيين نداء ديغول وتمردوا على الجنرالات المتمردين واسقطوا انقلابهم ونصروا ديغول.

 

وديغول لم يصل الى السلطة بعد الانقلاب الأول بالدبابات والمظليين، فهو رفض استلام الحكم بقوة العسكر وأصرّ على أن يكلّفه رئيس الجمهورية برئاسة الوزارة وان يمنحه مجلس النواب الثقة ليقبل ممارسة الحكم! وهكذا كان!

 

كان ديغول رجلاً تاريخياً لم يُعرف رجل دولة مثله، فهو الذي انقذ فرنسا في الحرب العالمية الثانية وهو الذي انقذها في حرب استقلال الجزائر واعادها دولة عظمى بعد ان انزلتها في ذلك الوقت الطبقة السياسية الفرنسية الحاكمة الفاسدة الى الحضيض والى الانقسام وهو، أي ديغول، الذي حلّ ازمة حرب الاستقلال الجزائرية وواجه منظمة الجيش السري OAS التي تشكلت من الجنرالات الذين فشل انقلابهم، والذين حاولوا اغتياله ولكن يوم انهمر الرصاص على سيارته التي اخترقتها اكثر من خمس عشرة رصاصة يومها، يومها كان المسيح ديغولياً، فنجا ديغول من محاولة الإغتيال بأعجوبة! ثم أرسى ديغول السياسية الفرنسية على قواعد دستورية عصرية تتلاءم مع دور ديموقراطي عظيم لفرنسا! ثم جابه انتفاضة ايار سنة 1968 بحلّ مجلس النواب لتأتي الانتخابات بأكثرية 85% ديغولية، وترك فرنسا حين شعر ان اوان الرحيل قد جاء!

 

لبنان يعاني اليوم من ازمة الاحتلال الإيراني المتواطئ والذي يغطي طبقة سياسية فاسدة سارقة خائنة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، يلعب في دعمها القضاء الفاسد الذي غلّبته هذه الطبقة السياسية على الفريق الطاهر من القضاة! وكان القضاء في لبنان قدوة! كان القاضي سليم الجاهل يرفض تسوية بين فؤاد شهاب والجنرال ديغول حول شركة Air France ويرفض حتى سماع التسوية، لأن التسوية بين سياسيين وإن كانوا عظاماً لأن السياسة يجب أن أن لا تتعاطى مع القضاء ولا يقبل القضاء تدخل السياسة، وأمثال سليم الجاهل كانوا كثيرين، على سبيل المثال عبد الباسط الغندور واميل تيان و… و…

 

ولكن القضاء اليوم اصبح في ظل الإحتلال الإيراني وظله العوني كمسرح الساعة العاشرة، انكفأ القضاة الشرفاء، بل أجرؤ على القول انهم تركوا القاضيات والقضاة يفتكون بالشرفاء من الناس مثل ميشال مكتّف، ويجمّدون التحقيقات في المرفأ ويستعينون بعصابات احزاب الطبقة الحاكمة في التسلط على اموال وممتلكات الناس التي يعمل بواسطتها المجتمع الصناعي والمالي والتجاري، وانقضّوا في الأيام الأخيرة على المصارف بقرارات لا تعرف القانون فحسب بل تنقضه وتغيّره.

 

دور القضاء في ازمة تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني كنفس دور الجيش في ازمة استقلال وحرية الجزائر من فرنسا!

 

كان لفرنسا رجل صنعه التاريخ، وهو شارل ديغول، وليس لخلاص لبنان من الاحتلال الإيراني والطبقة الفاسدة السارقة المخربة، ليس من باب خلاص سوى جنرال ديغول لبناني!

 

كان في لبنان فؤاد شهاب وريمون اده وبشير الجميل وصائب سلام ورياض الصلح ولكنهم رحلوا.

 

فمن اين وكيف نأتي برجل التاريخ؟ وليس هناك حلّ إلا بواسطة هذا النموذج من الرجال مثل شارل ديغول.

 

هل يخرج ديغول اللبناني بطل الأعجوبة من القضاء والقضاء على حالته؟ وربما بسبب حالته؟ لقد خرج ديغول من الجيش الفرنسي وكان الجيش الفرنسي على حالته اسوأ من السياسيين الفرنسيين! ومع ذلك حصلت الأعجوبة، خرج ديغول من الجيش وأصلحه ليُصلح بواسطته فرنسا!

 

 

اين ديغول اللبناني يخرج من القضاء، ليصلح القضاء ثم يصلح بواسطة القضاء البلد ويعيده جزيرة الحرية والكرامة وحقوق الانسان في هذا الشرق التعيس!

 

الجيش… الجيش… المتفرج اليتيم، على الأقل له دور في دعم القضاء والرجل الذي يخرج من القضاء، في دعم ديغول اللبناني!