فيما ينشط بعض الغباء في الحراك الشعبي في رفض مشروع الوزير اكرم شهيب للانتهاء من ازمة النفايات، ليس لان لديهم مشروعهم الخاص، بل لانهم بصدد لعب اوراق سياسية للافادة من الغوغاء المستشري على امل الوصول الى حال تصعيد من المستحيل ان تؤدي الغاية المرجوة منها، للخلاص من النفايات، بقدر زرعها في المزيد من الطرقات والاحراج والشوارع بحسب ما هو سائد الان؟!
من حيث المبدأ، لا مجال امام احد للتخلي عن المكبات والمطار التي اقترحها شهيب في البقاع او الجبل ام على السواحل حيث لا حل ثالثا الا في حال انشاء محارق متطورة وهذا يحتاج الى اكثر من سنة ونصف السنة، فيما لا يعقل ان يستمر الوضع على ما هو عليه من فيضان في نشر النفايات مع اقتراب موسم الشتاء حيث لا بد وان تعم الاوبئة والامراض بشكل يغطي مساحة لبنان بكامله مع ما يعنيه ذلك من كوارث صحية وبيئية تتطلب عندها مكافحة لسنين طويلة!
ماذا يمنع الوزير شهيب من المباشرة بتنفيذ ما خطط له طالما انه مقتنع به مع عدد من الخبراء البيئيين الذين ساعدوه في مشروعه لان استمرار استجداء موافقة هذا الجانب او ذاك، لن يؤدي الغاية المرجوة منه، بينما العكس صحيح في حال استمر الوضع على ما هو عليه من تصرفات غوغائية يتصرف البعض حيالها من دون ان يجدي نفعا مع تراكم النفايات بالاطنان في الشوارع والاحراج وعلى مداخل المدن والقرى!
لقد جرب الحراك الشعبي ان يثير مشكلة النفايات على امل ان يتخلص منها، لكن تأخر العمل بمشروع الوزير شهيب سيؤدي تلقائيا الى ما يفهم منه ان ثمة جهات لا ترغب بالخلاص من الازمة ربما لان لديه مصالح خاصة مادية او معنوية، والا ما معنى هذه التصرفات التي تزيد في تعميق الهوة بين المسؤولين والمواطنين في مختلف المناطق بدليل ما هو سائد من انتشار النفايات بطريقة عشوائية من المستحيل الخلاص منها، في حال استمر تجاهل مخاطرها اضافة الى ادعاء رفض استقبال «المزابل» لمجرد الخلاص منها في مناطق اخرى، وهكذا تستمر دوامة الرفض من جهة وتأخر الدولة في تنفيذ مشروع شهيب وكأنها تنتظر من يسوق له على طريقة الاداء التجاري (…)
كثيرون قالوا شكرا للوزير شهيب بعد طول اثارة انتقادات جارحة بحق وزير البيئة محمد المشنوق لكن النقمة لا بد وان تتجدد لان المشروع الجديد لم يعمل به لاسباب ربما تكون سياسية او مادية شعبية لكنها في النتيجة اسباب مرفوضة لانها لا تؤدي الغاية المرجوة منها بالنسبة الى جمع النفايات وتخليص العالم من هذا الوبأ المتحكم بالجميع وكأنه فرض امر واقع لا مجال للتخلص منه!
ان ظهور بعض المحارق في مناطق معينة، خطوة جريئة ومتطورة ومطلوبة في مختلف المناطق لكن لا يبدو ان الدولة مستعدة لمساعدة البلديات على اقتناء المحارق بما في ذلك اختراع وسائل اخرى وليس من يعرف اسباب ذلك ليس لان الاموال غير متوفرة لكن لانها بتصرف ادارات عامة ترفض الافراج عنها لاسباب سياسية وادارية لا مجال للافصاح عن حقيقتها، بدليل اعتراف وزارتي الداخلية والمالية بان الاموال متوفرة لكن صرفها يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء الذي يحتاج الى من يحرك همته في هذا الصدد على رغم معرفة الجميع ان المشكلة تطاول مختلف المناطق بلا استثناء (…)
ومن الان الى حين الوصول الى «تطبيق سياسي» لمن يفترض بهم ان يكونوا اصحاب قرار، فان الامور تحتاج الى عمل عاجل القصد منه اختصار الوقت اللازم للانتهاء من الازمة قبل ان تتطور باتجاه الاسوأ، خصوصا ان الظروف الداخلية تحتاج الى قليل من الانفراج قبل ان تتطور الامور الى ما يخدم الحراك الشعبي الذي يتم على حساب الاستقرار العام. وهذا الشيء مرجو كي لا يقال ان الدولة تبحث عمن يزيد الامور تعقيدا لاسيما ان الشارع في حال غليان من الصعب بل من المستحيل تجاهله الا في حال كانت رغبة سياسية في الافادة منه لما فيه من مصالح سياسية وخاصة؟!
ان المد في عمر ازمة النفايات سيؤدي تلقائيا الى فتح حسابات جديدة للمزيد من الازمات اضف الى ذلك ان هناك ازمة اسمها مشكلة الكهرباء التي ترهق السواد الاعظم من اللبنانيين الذين يعانون الامرين جرائها في ظل تقنين يصل الى اكثر من عشرين ساعة في اليوم، مع العلم ايضا ان ازمة المياه مرشحة لمزيد من التعقيد حيث لم يقل احد ان الدولة مهتمة بذلك، اقله كي يخف النق وتخف عوامل الشكوى والانتقاد السائد مختلف طبقات الشعب؟!