لعل وزير الزراعة اكرم شهيب حصد التقدير لخطته في موضوع النفايات على اثر الكارثة التي اصابت لبنان والعاصمة نتيجة الأمطار الغزيرة التي تسببت باجتياح النفايات الشوارع على نحو مؤلم لصورة لبنان ولصورة مسؤوليه في لا مسؤوليتهم في تحمل ما يفترض انه يقع على عاتقهم القيام به خصوصاً من بعض الأفرقاء ممن لا يزالون يقفون عقبة في طريق اقرار الخطة وتنفيذها. وصدرت مواقف لافتة لم تقتصر على ما قيل على طاولة الحوار الاثنين بل كان هناك بيان للرئيس سعد الحريري في هذا الاطار واتصال هاتفي بينه وبين رئيس الحكومة تمام سلام الذي اكد له عدم قدرته على تحمل الاستمرار في تعطيل بت الحكومة موضوع النفايات وتلميحه الى خطوات قد يتخذها في هذا الاطار. كما كان هناك بيان لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وآخر لتكتل التغيير والاصلاح الذي حرص على نزع تهمة تعطيل انعقاد مجلس الوزراء من أجل اقرار خطة شهيب. فيما ان المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أثار حفيظة رئيس الحكومة انطلاقاً من ان الحزب لم يتعاون كما تردد في موضوع ايجاد مواقع في المتن وان الخطة التي أعدها شهيب لا تحتاج الى أكثر من موقف في هذه المنطقة من أجل تجميع النفايات ونقلها في اليوم نفسه الى مطمر لا يزال يجري البحث عنه في البقاع أو الى عكار.
في أي حال فإن المديح الذي كيل لشهيب لم يكن ليصرف حتى مساء امس في ظل عدم وضوح حول ما اذا كان ممكناً عقد جلسة لمجلس الوزراء ام لا. فمن جهة كان وزير الزراعة لا يزال ينتظر جواباً بالنسبة الى مطمر في البقاع لم يكن قد تلقاه من رئيس مجلس النواب نبيه بري أو تحديداً من “حزب الله”، ولا امكان لان تسير الخطة في حال لم يكن هناك شراكة فعلية بمعنى تقاسم الأعباء فيها. ومن جهة اخرى فإن تجربة الأسابيع الماضية ان دلت على شيء فإنما على ان غالبية الأفرقاء ان لم يكن جميعهم يتحدثون بلغتين بحيث يقوم بون شاسع بين المواقف المعلنة وما هو مطلوب لترجمة هذه المواقف على الأرض. ومعلوم ان شهيب ابلغ رئيس الحكومة بانه سيستقيل من اللجنة في حال استمرت العرقلة لها خصوصاً بعدما واجه البلد يوم الأحد ما كاد ان يكون كارثة بكل المواصفات، ولعل شهيب كان يتمنى السير في خطته بدلاً من امتداحه واتباع اسلوب “الكلام الجيد في الميت” حيث تكال لهذا الأخير كل الصفات الجيدة أو تقدم له اوسمة بعد وفاته في حين يضن عليه في حياته بكلمة لطيفة. وفي أي حال فإن الرئيس سلام لم يتردد في التأكيد انه في حال تخلى شهيب عن الملف فانه بدوره سيطفئ الأنوار في السرايا ولن يبقى فيها من أجل تصريف الأعمال بل سيذهب الى بيته.
السؤالان الملحان في هذا الإطار هما: هل ان الأفرقاء السياسيين سيستدركون تكرار سيناريو الأحد الماضي من أجل عدم تحمل مسؤولية حصول كارثة يمكن ان ترتد سلباً عليهم بقوة نتيجة غضب الناس وثورتهم على لامبالاة المسؤولين وتقديمهم لمصالحهم على حساب البلد؟ وهل ان هؤلاء الأفرقاء يقبضون جدياً تهديد أو بالأحرى تلويح الرئيس سلام بالاستقالة ام يراهنون على مسؤوليته في عدم ترك البلد للفراغ النهائي؟
تقول مصادر معنية انه لا ينبغي الاستهانة بما قد يدفع الرئيس سلام الى اتخاذه من خطوات. فهو بات واضحاً جداً في موقفه وكان له تحذير على طاولة الحوار أمام جميع الأفرقاء. وهناك حلول واقتراحات لموضوع النفايات قد تستجد أو تطرأ غير ما هو معمول به اليوم أو مطلوب في الخطة لكن ليس قبل السير بهذه الأخيرة التي أعدها شهيب الذي سيقدم لسلام تقريره يوم غد الخميس من أجل ان يبنى على الشيء مقتضاه خصوصاً في ضوء جلسة الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” في عين التينه وفي ضوء لقاءات منتظرة اليوم مع رئيس مجلس النواب.
يعتقد البعض ان غالبية الأفرقاء باتوا فعلاً محشورين في موضوع تفاقم موضوع النفايات وعدم ايجاد حل له أو عدم تسهيل الحل الموجود له كما في موضوع الاستقالة المحتملة لسلام والتي لا يمكن تحملها في هذه الظروف. ولذا من غير المستبعد ان يتم تأمين انعقاد جلسة لمجلس الوزراء تكون بمثابة شراء وقت للحكومة التي لا يرغب جميع الأفرقاء بانهيارها في هذه المرحلة على الأقل ولان عدم السير بخطة شهيب سينذر بوقوع الأسوأ مع بداية فصل الشتاء. والمأزق الذي يواجهه الأفرقاء في موضوع الحكومة والنفايات يواجهونه بالتوازي في ضرورة انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب ولعل المخرج الملائم لها تم التمهيد له عبر توقيع حزب القوات والتيار العوني على اقتراح قانون استعادة الجنسية بما يسمح بوضعه على جدول الأعمال واعطاء الطرفين بعضاً من شروطهما لانعقاد جلسة تشريعية في ظل تعذر اقرار قانون انتخاب جديد، على رغم همس واسع لدى غالبية الأفرقاء بان قانون استعادة الجنسية ليس في مصلحة المسيحيين ولن يكون كذلك وسيرتب عليهم انعكاسات سلبية. لكن الجميع باتوا محشورين في موضوع المخرج المالي المطلوب اضافة الى الاتفاقات والقروض التي لن يقبل أي طرف بتحمل مسؤولية تضييعها.