Site icon IMLebanon

«#شهادة_من_دون_شهيد» استباقاً  

كيف تتسلل بلطجة الدويلة لفرض نفسها على الدولة وهيبتها؟

الى المتسائلين عن الموضوع، اليكم سرد تسلسلي بسيط عن الخطوات السابقة واللاحقة لاحدى المناسبات السنوية في لبنان: اعلان نتائج الامتحانات الرسمية لصفي البريفيه والبكالوريا.

يوم الاربعاء الواقع في 28 حزيران الفائت، أطلقت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة ترويجية تحث فيها المواطنين على الامتناع عن استعمال اسلحتهم واطلاق الرصاص ابتهاجا عند صدور نتائج صف البريفيه. وبينما كان الهاشتاغ يتصدر قائمة الأوسام الاكثر تداولا في لبنان، وبينما انهالت التغريدات على المواقع مطالبة بتغليب الوعي لدى بعض اللبنانيين المصرّين على التعبير عن فرحهم بأسلوب لاأخلاقي وخطير، كانت مناطق لبنانية عدة تشهد فرحة «ميليشياوية» حولت بعض الضواحي والمباني، خاصة في البقاع، الى ساحات حرب حصيلتها، الى جانب تسجيل نسبة نجاح مرتفعة وازت الثمانين في المئة، قتيلان وعشرون مصابا، لتعلن في الليلة نفسها لائحة عممتها مديرية قوى الامن الداخلي بأسماء عدد من مطلقي الرصاص وصلوا الى المئة والثلاثين، تم بعد أيام، القبض على تسعين منهم.

ايام قليلة مضت قبل ان يحين موعد صدور نتائج البكالوريا العامة. اتعظت ادارة مهرجانات بعلبك الدولية من الواقع المزري وقررت القيام بخطوات «عملية ومفيدة» اكثر من اطلاق هاشتاغ او التعويل على نشر وعي، بلوغه بات على الارجح، من المستحيلات. فما كان منها سوى التوسط لدى وزير التربية مروان حمادة لتأجيل اعلان النتائج، خوفا على أمن المهرجان الواقع ضمن «المنطقة الحمراء» لهذا النوع من الترهيب الوقح، والذي يصادف احتفاله بيوبيله الذهبي.

يمكن لمن وصله خبر رضوخ وزير في الحكومة لسلطة ميليشيات متفلتة واعلان تأجيل نتائج امتحانات رسمية ان يتفاجأ من الامر، الا ان مفاجأته لن تطول بعد تسارع وتيرة التصاريح الرسمية الصادرة عن وزراء عدة في الحكومة تنتهي باعلان عجزهم الكامل عن السيطرة على هذه الظاهرة وانهائها بالكامل، فيما وزير الداخلية نهاد المشنوق يدعو من موقعه، الشعب اللبناني الى «الثورة اذا حصل اطلاق نار ابتهاجا بنتائج الثانوية العامة»، مطالباً السياسيين برفع يدهم عن القضاء.

وفي المحصلة العامة، تكون امتحانات لبنان الرسمية قد سارت على خطى القضايا السياسية والسيادية الكبرى في البلد، بحيث ان عملية اصدار نتائجها باتت خاضعة لسلطة المسلحين والمجرمين، مع إرهاب اجتماعي غالبا ما ينتهي بالاعلان عن جريمة قتل او اكثر، وصولا الى «كسر صورة» الثقافة والفن والابداع والحياة في لبنان نزولا عند سطوة السلاح. وأمام هذه الحال، يقف اللبنانيون بأغلبيتهم محاصرين بواقعهم، المبكي بامتياز، اذ لم يبق لهم وحفاظا على حياتهم من التعنت باستخدام السلاح، سوى الغاء مناسباتهم السعيدة وحتى الحزينة، على طريقة وزير التربية. فبدل تأجيل النتائج لا مانع من الغائها مثلا، اذ ان تأجيلها لن يلغي اطلاق الرصاص بل تأجيل اطلاقه ليوم فقط، ولا مانع بالتالي من الغاء الاحتفال بالاعراس والمآتم وصولا الى عدم الانجاب. فالحياة تبقى اغلى من اي مناسبة. ولينظر كل المسؤولين والمرتكبين الى الارقام الكارثية والموثقة من قبل العديد من الجمعيات الحقوقية التي تظهر سقوط المئات من الضحايا منذ العام 2000 جراء الرصاص الطائش.

في هذا الاطار، يؤكد مسؤول قطاع الشباب في تيار «المستقبل» محمد سعد في حديثه الى «المستقبل» «ان الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي وان لم تأت بالنتيجة المتوخاة، الا انها توصل الصوت المعارض لهذا التفلت بفعالية». من هنا سعت لجنة الاعلام في قطاع الشباب في التيار الى اطلاق هاشتاغ «#شهادة_من_دون_شهيد» استباقا لاعلان النتائج وما يليها من تصرفات معتادة في بعض المناطق والمنافية للقانون العام، والهدف منها بالدرجة الاولى «ايصال الفكرة وتعميم ثقافة السلام والحياة تحديدا لدى فئة الشباب». ولفت الى ان «المؤسسات الرسمية تقوم بدورها على اكمل وجه، الا ان الضغوط السياسية ما زالت هي المتحكمة بعملها على ما يبدو». ودعا «القضاء الى عدم التهاون او الوقوف كطرف والرضوخ للضغوط مهما كلف الامر»، فالواضح بنظره، ان «الشباب هم الخاسرون بالدرجة الاولى ومن حقهم تجاه السلطات الرسمية، كبح هذه العادات خاصة في المناطق العاصية نسبيا عن سلطة الدولة». واثنى في نهاية حديثه على كلام وزير الداخلية الذي «يعكس الواقع بدقة».

كذلك غرد امين حسين على الهاشتاغ قائلا «استعمال السلاح في فرحة نجاح هو دليل انك كسبت العلامات ولم تكسب العلم #شهادة_من_دون_شهيد». اما مصطفى حنش فكتب «من كان سلاحه القلم سيقف بوجه كل من كان سلاحه رصاصة #شهادة_من_دون_شهيد».