كما الصبر مفتاح الفرج كذلك القن مفتاح البيض، ومن صَبَر نال في سلته ما يكفي لترويقة صحية وشهيّة. مقلاة بيض عيون لشخصين. أي 4 عيون على الأقل. ومنذ ما ينيف على الشهرين وأنا أنتظر من دجاجاتي أن تكون عند حسن ظني بها، “بيّاضة” كريمة النفس محبّة للعطاء.
لم أقصّر معها. أحضرت لها أجود الأعلاف. وسّعت لها المدى الحيوي للتريّض. وضعت لها مطهرات في الماء، ترمّلت بفقدان ديكها وتاج رأسها فلم أتركها من دون ديك، وجئتها بواحد “رزّي” فحولته وأسميته “مرصبان”، ويبدو أنه على قدر الآمال التي وضعتها فيه.
ومع ذلك بدلاً من بيضة كل ثلاثة أيام توقفت دجاجاتي عن الإباضة بشكل كامل فنصحني صديق خبير ببعض الفيتامينات. فعلتُ من دون نتيجة. راجعته بعد أسبوع فأشار علي بنقع بصلتين مفرومتين فرماً ناعماً، وخمسة فصوص ثوم، حبة زنجبيل مبروشة ونقع الخليط في ليتري مياه نظيفة مع إضافة ربع كوب من خل التفاح لتطهير معدات الدجاجات وفتح شهيتها ففعلت مرتين: مرة أطاح “مرصبان ” بالخلطة وساح الماء في بهو القن، وفي المرة الثانية إستوعب أن حبة الزنجبيل بخمسة آلاف ليرة وقنينة خل التفاح بـ 13الفاً…
وأشار علي صديق آخر أن أضاعف عدد الدجاجات، فلتكن بدل الخمس، عشر، فمشيت بهذا الخيار على الرغم من محاذيره، كما مشت الحكومة اللبنانية بخيار صندوق النقد الدولي، مع خشيتها أن تطلع معه صفر اليدين. إستدللت على مربي دجاج في المنطقة، وكانت محصلة محادثاتي المعمقة والشاقة “أن ترك لي الدجاجة بـ 8 دولارات على أساس سعر صرف السوق الموازي أي 8200 ليرة، حسم دولارين من ثمن كل دجاجة. بعد إبرام الصفقة كمش الدجاجات بخفة واوٍ. ربط أقدامها بشريط ووضعها في صندوق السيارة ثم أبلغني ألّا أتوقع أن تبيض غداً…وأردف بعدما لمح على وجهي بوادر إنزعاج “20 يوماً وبالكتير شهر وما بتعود تلحّق على بيض…”.
فور انضمام الدجاجات الخمس إلى “حرملك” مرصبان لقيت استقبالاً مميزاً وحاراً من الديك الذي ودّع مراهقته قبل أسبوعين. تركتها في عهدته. فتحت التلفزيون لأتسلى وأنسى “مدفوعاتي” وكانت المحطات كلها تنقل وقائع مداهمة الوزير حمد حسن مخزن قطع دجاج “دهرية” معدة للناغتس والشاورما…ولشدة هول المشهد، أصدرتُ، بموجب الصلاحيات المعطاة لي في البيت، قراراً إستثنائياً لا ينسجم مع إنحيازي إلى حقوق الدواجن والحيوانات عموماً. فللضرورة أحكام.
وجاء في القرار:
– يحظّر إدخال “أفخاذ الدجاج” والـ”سفائن” و”القصبة” و”الجوانح” و”نقانق الدجاج” إلى برادنا.
– تُستبدل حاجتنا من المنتجات المتوافرة في السوبرماركت بتلك المتوافرة في القن.
– يبدأ تنفيذ القرار يوم الأحد وسيكون الغداء ملوخية بـ”مرصبان”.