يحضّر الحزب “التقدّمي الاشتراكي” لاستكمال لقاءاته تحت عنوان “التواصل والتشاور حول الملفات السياسية”، على أن تشمل بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، رئيس “تيّار الكرامة” النائب فيصل كرامي و”الاعتدال الوطني” وحزب “الطاشناق”. ولفت اللقاء الأخير الذي قام به رئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد الى بنشعي، حيث التقى مع المرشّح لرئاسة الجمهورية، رئيس “تيّار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، في حضور نجله النائب طوني فرنجية والوزير السابق يوسف سعادة.
مصادر سياسية مطّلعة على أجواء اللقاء تحدّثت عن أنّه شمل ملف رئاسة الأركان والمجلس العسكري، لا سيما بعد التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وآخر المستجدّات على الساحة السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة. وقد جاء هذا اللقاء نتيجة العلاقة التاريخية والسياسية بين آل جنبلاط وآل فرنجية، ونتيجة النضال المشترك خلال بعض الإستحقاقات السياسية السابقة، رغم التباينات في الملف الرئاسي. علماً بأنّ العلاقة الثنائية بين الحزبين في هذه المرحلة مستقرّة الى حدّ ما، ولم تنقطع رغم الاختلاف في وجهات النظر، والتواصل قائم بشكل دائم بين النائبين طوني وتيمور، وبين القيادات في الحزبين.
وذكرت المصادر أنّه جرى التوافق على ضرورة تعيين رئيس الأركان والمجلس العسكري، لا سيما بعد التمديد الذي حصل لقائد الجيش، صوناً للمؤسسة العسكرية ولانتظام العمل فيها، بهدف الحفاظ على السلم الأهلي في ظلّ الظروف الحسّاسة التي تمرّ بها البلاد، لا سيما عند الجبهة الجنوبية المفتوحة على الحرب مع “إسرائيل”. ولهذا يسعى “الاشتراكي” في ظلّ التحرّك الذي يقوم به لأن يصار الى تحصين مسألة رئاسة الأركان والمجلس العسكري، إذ أصبح من البديهيات العمل على أساسها بعد حصول التمديد للعماد عون.
أمّا الخطوة المنتظرة فهي من قبل وزير الدفاع موريس سليم، على ما أوضحت المصادر، على أن يشارك فيها جميع الأطراف بهدف انتظام عمل المؤسسة العسكرية. إلّأ أنّه حتى الآن، ليس من أي قرار متخذ في مجلس الوزراء، ولهذا يتمّ السعي من أجل إنجاز هذه الخطوة التي ستؤجّل الى ما بعد انتهاء عطلة الأعياد، أي الى ما بعد رأس السنة. وفي حال لم يتقدّم الوزير سليم بأي اقتراح أو أي مرسوم في مجلس الوزراء لأسباب سياسية معيّنة، فسيسعى المجلس عندئذ الى إيجاد حلّ بديل. ولكن الخطوة الأسلم يُفترض أن تتمّ من قبل وزير الدفاع لتفادي حصول أي طعن، على غرار ما سيحصل من قبل “التيّار الوطني الحرّ” في ما يتعلّق بالطعن في التمديد للعماد عون.
وأشارت المصادر الى أنّه لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء دراسة تتعلّق بملف رئاسة الأركان والمجلس العسكري، تقترح احتمالات عديدة. ولكن من الافضل عدم استباق الأمور، وانتظار الخطوات التي سيتخذها المعنيون على هذا الصعيد، في ما يتعلّق بتزكية الأسماء، قبل التوافق على القيام بأي خطوة استباقية.
وفي ما يتعلّق بعدم تأييد “الاشتراكي” للمرشّح فرنجية لرئاسة الجمهورية، أكّدت المصادر نفسها أنّ موقف الحزب لا يتعلّق بفرنجية نفسه، ولا ينطلق من مسألة شخصية، بقدر ما يأخذ بالاعتبار أن يأتي الى قصر بعبدا رئيس للجمهورية يحظى الى جانب التأييد الشيعي والسنّي له، بتأييد مسيحي وازن. وهذا يعني أن تنتخبه الأطراف المسيحية الكبرى أي “التيّار الوطني الحرّ” و”القوّات اللبنانية”، فضلاً عن الأطراف الأخرى. وفي حال عدم حصول هذا الأمر، ووصول أي مرشّح الى القصر الجمهوري من دون تأييد أو انتخاب الطرفين المسيحيين الاكبرين أو الثلاثة الاطراف المسيحية الوازنة في البلاد له، فإنّ عهده لن يكون على ما يريد الجميع، بل سيتعرّض للنكسات والخيبات والتعثّر منذ بدايته.
ومن أجل تلافي الوصول الى هذا الأمر، على ما عقّبت المصادر، يقوم “الاشتراكي” بالمحادثات واللقاءات لبحث هذه الاستحقاقات وتجنيب البلاد أي فراغات أو ثغرات جديدة، على صعيد رئاسة الأركان والمجلس العسكري، والتوصّل ربّما في الوقت نفسه الى تفاهم ما على اسم الرئيس الجديد للجمهورية. فلا بديل عن الحوار والتوافق بشأن الاستحقاق الرئاسي، ويحتاج الأمر الى التفاهم بين جميع المكوّنات لاختيار الرئيس المناسب. وهذه الأمور عرضها الحزب، على ما أضافت المصادر، على جميع الأطراف منذ لحظة الشغور الرئاسي الأولى، بما فيها حزب الله الذي يتمسّك وحليفه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بترشيح الوزير السابق فرنجية.
من هنا، فالإتصالات جارية بين مختلف الأطراف على صعيد رئاسة الأركان، وتستريح قليلاً في عطلة الأعياد لتعود وتُستأنف بعدها، وفق المصادر، مع الأمل بمشاركة الجميع ضمن الأصول القانونية والدستورية المعتمدة لإنجاز هذا الأمر، ومن أجل إعادة تحريك الملفات على الساحة السياسية بما يخدم مصالح الوطن.