Site icon IMLebanon

من المشاركة إلى الميثاقية

 

 

ثمة شبه إجماع على ان ابرز أسباب الحرب اللعينة التي ضربت لبنان العام 1975 كان ما عرف في تلك الحقبة بـ»المشاركة». وهي الكلمة التي تحورت، مع الوقت، وباتت رديفتها اليوم لفظة «الميثاقية». والاثنتان تصبان في مفهوم واحد وهو المطالبة بالحقوق «السليبة».

 

المضحك، والمبكي عموما، في هذا الأمر ان الطوائف وبالذات المذاهب الثلاثة الكبرى في البلد تناوبت على الشكوى من فقدان المشاركة (أهل السنّة)، ومن الحرمان (الشيعة)، ومن اللاميثاقية (الموارنة)…

 

قبل الحرب الملعونة كان أهل السنّة في لبنان يشكون من عدم حصولهم على حقهم بالمشاركة في السلطة. الشكوى بدأت تذمرا ثم وصلت الى الانفجار الكبير. وأعلن  السنّة ان الجيش فئوي، وأن جيشهم هو المنظمات الفلسطينية إلخ…

 

والمعلوم أن الاقطاب السنيين لم يكونوا مرتاحين اصلا الى قيام الكيان اللبناني وانضوائهم فيه لأنهم يعتبرون انفسهم جزءا من امة عربية اسلامية.. لا تحدها حدود.

 

من هنا رحنا نسمع في حينه عبارات مثال: «رئيس الحكومة ليس» باش كاتب» ولا هو «شرابة خرج»…

 

والملاحظ أن رافع تلك الشعارات الأبرز كان الرئيس الراحل صائب سلام. ولكن أبا تمام، نفسه، عندما يكون في السراي كان يرد على الخصم التاريخي، رشيد كرامي الذي يغمز من القناة

 

السلامية، فيقول من بيت المصيطبة: يروحوا يتضبضبوا، فالمشاركة بألف خير… على حد مانشيت جريدة الحياة، في العام

 

1972.

 

اما الشيعة فرفعوا شعار: «لا  للحرمان»، وسرت كلمة «المحرومين» سريان النار في الهشيم… وقيض في اللحظة التاريخية وجود القيادي العملاق، شكلا وقيمة وأداء، الامام المغيّب موسى الصدر الذي أطاح القيادات الشيعية، رغم تجذرها، وتولى زعامة لما تزل حتى اليوم ضاربة في الوجدان…

 

وتقاطعت الظروف الاقليمية والدولية مع الطفرة النفطية في وقت ينقسم العالم الى معسكرين غربي وشرقي مع استقطاب حاد، فيما تعمل الدولة العبرية بقوة على اسقاط الصيغة اللبنانية النقيض لعنصريتها… فوقعت الحرب بفظائعها وألحق بها نظام هجين من حيث الممارسة على الأقل… وبدأنا مرحلة مطالبة المسيحيين ليس بالمشاركة ووقف الحرمان، انما بالميثاقية التي أدخلت علامة فارقة في تأليف الحكومات.