منذ اللحظة الأولى كانوا يعلمون مع من يترشحون ويتحالفون
إنتقل «حزب الله» في مواجهته الانتخابية مع «القوات اللبنانية» في بعلبك الهرمل إلى الخطة «ب»، وبدأ تضييق الخناق عليها وتجريدها من المرشحين الشيعة معها على اللائحة، إن عبر الضغط على العائلات لتسحب أبناءها منها أو عبر التبرؤ منهم ببيانات مكتوبة سلفاً.
على عكس الدوائر الإنتخابية في مختلف الأراضي اللبنانية، إطمأنّ «حزب الله» في دائرة بعلبك الهرمل إلى تعددها بل شجع بعضها، ودفع باتجاه تقديم البعض ترشيحاتهم، وأثنى على خطوة البعض الآخر إن بشكل مباشر أو عبر وسطاء، وكل التكتيكات التي اتّبعها خلال الفترة السابقة كانت تقع ضمن نطاق الخطة «أ». ووفق مبدأ «النفس الطويل»، عمل على احتواء الشخصيات الشيعية التي تشكل «حالةً» ضمن عائلتها، وعندها خلاف معه ولا يمكن أن يستخدم معها الضغط العائلي أو بيانات التبرؤ لتنسحب من لائحة وتبيع الانسحاب للائحته، فكان على تواصل معها طوال الفترة الماضية كما حصل مع النائب السابق يحيى شمص الذي بدأ العمل على خطه منذ اليوم الثاني لانتخابات عام 2018، توجت بلقائه مع الأمين العام لـ»حزب الله» وعزوفه عن خوض المعركة الانتخابية، كذلك عمل الحزب على خط عدد من الشخصيات التي لها باع طويل في العمل البلدي وغيره، وأعاد استقطابها مبرماً معها اتفاقات ستظهر بعد عام مع الانتخابات البلدية.
مخطئ من يظن أن «حزب الله» خائفٌ على خرق لائحته بمقعدٍ شيعي في بعلبك الهرمل وهو يمارس الضغط لمنع حصوله، فالبيئة الشيعية والتركيبة العددية الطائفية داخل الدوائر الانتخابية محصّنة، ولا يمكن لأحد أن يخرق هذه البلوكات مهما كان النظام الانتخابي، لكن المطلوب أن لا يعلو صوت معارض ويتلاقى مع جهات أخرى تمكّنه من أن يشكل حالة اعتراضية تستثمر داخل بيئته وتبيّن النقمة الحاصلة، وهو مطمئن لحال الشخصيات الأخرى على مختلف اللوائح التي لا يمكن لأحد أن يقلل من أهميتها وحضورها، ولكنها وجدت لتجذب الأصوات المعارضة وتبقى ضمن الهوى السياسي الواحد.
سياسة «لو كنت أعلم» التي ظهرت مع انسحاب المرشحين رامز أمهز وهيمن مشيك من لائحة «بناء الدولة» التي تحالفت فيها «القوات» مع شخصيات شيعية وسنية مستقلة لا تمشي وفق بعض المصادر، وتؤكد لـ»نداء الوطن» أن كافة المرشحين منذ اللحظة الأولى يعلمون أنهم ضمن لائحة إلى جانب «القوات»، لكن الذكاء السياسي والتكتيك الانتخابي المدفوع الثمن لربما استعمل لتفخيخ اللائحة من الداخل بعد الانتهاء من تسجيل اللوائح وإضعافها، وذلك في سبيل قطع الطريق على «القوات» لإحداث خرق والعودة إلى مبدأ «الأمر لي» في بعلبك الهرمل، وإرضاءً للحليف البرتقالي وتعويض خسائره في دوائر أخرى.
وتضيف المصادر أن الانسحابات قد تتوالى، لكنها لن تغير من واقع الحال شيئاً، والترغيب والترهيب لن يصلا حدود الفوز النظيف، وسألت: من يتحمل مسؤولية انسحاب المرشحين، وما هي الأسس التي تم على أساسها اختيارهما، وهل الضغوط التي تعرّضا لها لم تكن في الحسبان؟ وأضافت أن التعويل على الصوت الشيعي المعارض لم يكن في الأساس لردف اللائحة بالأصوات التي توصلها للحاصل الانتخابي، بل كانت اللائحة لخلق نسيج من مختلف الفئات والطوائف يعبر عن تطلعات المنطقة وحاجاتها.
تحمل الأيام المقبلة في بعلبك المزيد من المفاجآت على الصعيد الانتخابي وهدفها جميعاً التضييق على «القوات» بما في ذلك انسحاب كافة المرشحين الشيعة، لتبقى الآمال معلقة على الصوت السني وتوجهه في المنطقة، وأين سيصب ولمصلحة من؟ وهو رهن التطورات المتسارعة خلال المدة المتبقية ليوم الانتخابات.