Site icon IMLebanon

الإنجاب بات حلماً!

 

بات الإنجاب حلماً في لبنان، لا سيما مع ارتفاع كلفته وفقدان الأدوية والحليب وغيرهما. فكلفة الطبابة وحدها باهظة الثمن وتفوق قدرة كثيرين، فالظروف حالت بين العديد من الأزواج وبين الإنجاب على أمل أن تنفرج. يرفض حسن بدر إنجاب طفل هذه الفترة، هو الذي تزوّج منذ سبع سنوات، فالظروف الصعبة حالت بينه وبين حلم الأبوّة، يقول: «أرفض أن أنجب طفلاً وأعذّبه، فما أنتجه لا يكفيني وزوجتي، فكيف مع ولد؟».لا يخفي حسن رغبته أن يسمع كلمة «بابا»، ولكنّ الظروف الحالية قطعت عليه حلمه. يؤكد أنّ الظروف قد تحرمه الأبوة نهائياً لا سيما مع تقدّم العمر، «ولكن كيف أنجب ولا أملك ثمن دواء أو علاج إذا مرض، أو تلبية متطلّباته؟ حرام، ظلمونا بأعزّ ما نريد». «مش وقتا، بكير» عبارة يُسمع صداها هذه الأيام، كثرٌ ممّن تزوّجوا يرفضون الإنجاب، فكلفة العلاج قبل الولادة باهظة الثمن، شأنها شأن كلفة الولادة وتجهيز الولد والأدوية وغيرها، فزيارة واحدة للطبيب تكلف 500 الف ليرة يضاف اليها كلفة الفحوصات المخبرية التي لا تقلّ عن 600 ألف والأدوية التي باتت أسعارها ناراً.

 

لا يخفي دكتور الامراض النسائية حسن ابراهيم هذا الأمر، يؤكد «أنّ حالات كثيرة ترفض الإنجاب، وهناك سيّدات يطلبن إجهاض الجنين لأنّهن لا يملكن كلفة علاجه أو غذائه»، يذكر حالة سيّدة قصدته على عجل «بعدما حملت خطأ وتناولت العديد من الأدوية لإجهاض الجنين من دون جدوى، فأرادت إسقاطه لأنّ وضع زوجها المادي في الحضيض، فهي لا تملك ثمن حفاضات لابنها البالغ من العمر سنة فكيف مع طفلين؟». ولا يخفي الدكتور حسن أنّ نسبة الولادات تراجعت مقارنة مع السنوات الماضية، وسيدات كثر يتريّثن في فكرة الانجاب بسبب الوضع المعيشي.

 

تجلس فرح أحمد في صالون الانتظار، جاءت لمعاينة دورية، تؤجّل الحمل منذ عدّة اشهر، «بالكاد نؤسّس مستقبلنا، فكيف مع ولد؟». وبحسب سيرين ايوب فإنها تضرب أخماساً بأسداس هذه الايام، «حملت بالغلط ولكن ما يقلقني هو كلفة العلاج الشهري، فالأدوية بحدّ ذاتها تحتاج ميزانية، وأرخص دواء لا يقل ثمنه عن 400 ألف ليرة، في حين لا يتجاوز راتبي الـ٣ ملايين ليرة». تحسب سيرين فاتورة الحمل الكبيرة، فشهرياً تتكبّد ما يقارب المليون الى المليونين حسب الفحوصات والأدوية اضافة الى فحصية الطبيب التي ارتفعت، هذا غير جهاز الطفل الذي يحتاج إلى ميزانية، فألبسة الاطفال أكثر من نار، وأقل ثوب كلفته 20 دولاراً، ومع ذلك تقول «الله يعين».

 

في وقت يؤرق الحمل سيّدات لبنان، فإنّ النازحات الحوامل أكثر استقراراً، وهنّ أكثر إنجاباً هذه الأيام، فالمنظمات الدولية تدفع كلّ التكاليف بالدولار، والأطباء يفضلون المريضة السورية على اللبنانية، وهو أمر يؤكده الدكتور حسن، لافتاً الى «أنّ النازحات الحوامل أكثر ربحاً للأطباء فأتعابهم يتلقّونها كاش وبالدولار»، مشيراً الى «أنّ غالبية الحوامل في عيادته هنّ من السوريات فيما العدد الأقل من اللبنانيات نتيجة تراجع الحمل لديهن بسبب الوضع المالي».