إن وفاة طفلة لعدم توفر الدواء يهز بلاد وضمائر في بلد آخر. أما في لبنان فهو حلقة عادية في السلسلة الجهنمية!
وفي هذه السلسلة، تتوقف الصيدليات عن توزيع الدواء بسبب عدم وجود أموال للاستيراد. وبسبب جشع تجار أدوية قاموا بتهريب أموالهم الى الخارج، ومن ثم تهريب الدواء الى الخارج وبتخزين الدواء من أجل زيادة أرباحهم على حساب حياة أطفال وشعب لبنان!
وتوقفت شركات المياه عن توزيع المياه للناس بسبب انقطاع الكهرباء.
وتتوقف شركة كهرباء لبنان عن توزيع الكهرباء بسبب عدم تسلمها الوقود.
وتتوقف شركات الوقود عن تسليم الوقود لأن مصرف لبنان لا يفتح الاعتمادات اللازمة.
وتتوقف المصارف عن تزويد مصرف لبنان بالأموال وبالاحتياطي لأن مصرف لبنان توقف عن استلام الأموال من الحكومة.
وتوقفت أموال المودعين في جيوب السياسيين وجيوب أزلامهم وجيوب المتعهدين المحسوبين عليهم والى جيوب أصحاب وإدارات المصارف، (بالاضافة الى الهدر).
وتوقفت الحكومة عن تزويد مصرف لبنان بالأموال، الذي توقف عن دفع الأموال التي استلفها من المصارف، التي توقفت عن دفع أموال المودعين… لأن الحكومات المتعاقبة سرقتها وأهدرتها!
وتوقف المودعون والناس عن دفع كل شيء تدريجياً بسبب سرقة ودائعهم لنقص في السيولة.
وتوقفت الحكومة ومصرف لبنان عن دفع مستحقات لبنان من يوروبوند وأموال المودعين، مما أدى الى توقف المساعدات الخارجية، بالاضافة الى المواقف السياسية.
وتوقف الكهرباء سيؤدي الى توقف الهاتف. وتوقف الهاتف سيؤدي الى توقف الانترنت. وتوقف الانترنت سيؤدي الى توقف الواتساب. وتوقف الواتساب سيؤدي الى تجدد الثورة!
إن توقف فتح الاعتمادات يكلف الدولة االكثير من الأموال نتيجة استجمام المحروقات في البواخر على الشاطىء اللبناني.
وبقاء المحروقات في البواخر يكلف الناس أموالاً وأوقاتاً وأعصاباً… وزيادة في سعر البنزين وارتفاعاً في أسعار السلع الأساسية، التي هي ناتجة عن ارتفاع سعر الدولار الناتج عن تهريب الدولار الى سوريا وعن تهريب الأموال في المصارف الى خارج لبنان.
ad
وقريباً، ستتوقف خدمات عدة، منها المتعلق بجمع النفايات. وستعود النفايات الى الشارع. وسيعود حرق النفايات ودخانه المسرطن.
والأخطر أن الأمن سيتوقف وسيكون المواطن معرضاً. وستكون هناك مناطق أمن ذاتي بسيطرة ميليشياوية بصورة تقسيمية.
سيناريوهات سوداء كثيرة تنتظر الشعب. فكم ساعة قضاها المواطنون في طوابير الذل المختلفة؟ أليس الأجدى بهم تشكيل طوابير حرية والنزول الى الشارع لتغيير الطبقة السياسية الفاسدة والمجرمة التي تقتلهم في كل لحظة؟! إن بقاء الناس في بيوتها، سيكلفها كل شيء!
إن الشاعر الألماني بريخت الذي تحدث عن تغيير السلطة للشعب قال أيضاً: من يناضل ربما يخسر ومن لم يناضل فهو خاسر بكل الأحوال!
توقفت الحياة وجاء دور الموت. وما لم يسارع الناس الى كسر هذه السلسلة الجهنمية فهي ستخنقهم في منازلهم وفي الشوارع وفي كل مكان!
* ناشط سياسي.