IMLebanon

أطلب العِلْم ولو في الصين

إستمعت الى درس من دروس السيّد حسن نصرالله، وهذه المرة الدرس لم يكن في محاربة العدو الاسرائيلي، بل كان يقود معركة طبية وبالحقيقة كنت أتمنى لو ان السيّد حسن قرأ هذا المقال لوفر علينا وعلى نفسه هذا الجهد الكبير. على كل حال أرجو قراءة هذا المقال وأترك للقارئ أن يختار بين ما يقرأ وبين ما سمعه من السيّد حسن.

قبل قراءة هذا المقال أحب أن أذكر أنّ السيّد حسن نصرالله في خطابه السابق كان يدعو اللبنانيين لأن يتعاملوا مع الصين والتخلي عن أوروبا وعن أميركا، فمثلاً طلب من الدولة أن تحصل على الكهرباء من شركات صينية وأن تكون الصين هي البديل.

الحمد الله اننا لم نملك الوقت لكي نقيم علاقات واتفاقات مع الصين غير الاتفاقات القائمة.

حظنا اننا لم ننفذ نصيحته وإلاّ كنا قد علقنا في مواقف صعبة.

فعودة الى المقال:

ظهر الوباء كورونا في الصين فقامت حكومة الصين بخطوات ادهشت العالم من خلال سلوكها ونجاحها  في ضبط سلوك مليار ونصف مليار مواطن بكل يسر من خلال الحكم الرشيد والإيمان بالعلم:

– الشعب الصيني شعب صامت وهادئ ويواجه المشاكل بالحلول والأبحاث العلمية وليس بالصراخ والمقالات والبرامج الفضائية التي تملأ الدنيا صخباً وجنوناً من دون فائدة.

– تم حظر التجوال في العديد من المدن (أقل هذه المدن عدداً تصل نحو 12 مليون نسمة). وعلى الفور إلتزم الصينيون بالاوامر وأغلقت المطارات وتوقفت السيارات والتزم الصينيون في شققهم وبناياتهم وأغلقوا النوافذ وقد أعدوا طعاما يكفي لأسبوعين.

– لم نسمع عن معارضة صينية تستغل الوباء وتخرج للصراخ والنعيق وتحرّض السكان على خرق حظر التجوال.

– وفي غضون أيام قلائل أقام الصينيون أكبر مستشفى على بعد 9 كم من أول تجمع سكني وتم تجهيز المشفى بالمعدات والمختبرات والأطباء وطواقم التمريض..

– بدأ العلماء الصينيون العمل فوراً على ايجاد علاج ولم ينتظروا منظمة الصحة العالمية أن ترسل لهم العلاج.

– الحكومة الصينية كانت صادقة في كل كلمة، ولم تتعامل مع الأمر على أنه سر عسكري، وبشهادة جميع المنظمات الدولية أن الصينيين شعب صادق ولا يخلط بين الكوارث والمواقف الإنسانية.

–  المدن والتجمعات السكانية تنقسم الى أحياء ، وكل حي من هذه الاحياء يتكون من عدة ملايين من السكان وله مسؤول مباشر، ويستطيع السكان الاتصال بمكتب الحي 24 ساعة في اليوم والحصول على أي خدمة يحتاجونها من دون واسطة ومن دون أن يضطر المواطن الصيني أن يقول أنا فلان أو قريب فلان أو أنه من هذا الحزب أو ذاك، وفي حال وجود أي تقصير يتم تقديم مسؤول الحي للمحاكمة وقد تصل العقوبة الى الاعدام.

– من لا يجد طعاما في منزله خلال حظر التجوال يتصل بمكتب الحي فتقوم شركة التوصيل الحكومية بإرسال الطعام المناسب، للعائلة ما يكفي لمدة أسبوعين ويقوم عمال التوصيل بقرع الجرس وترك الطعام أمام الباب والمغادرة، وتأخذ الاسرة طعامها مجانا من دون أن تضطر للشرح او التفسير أو أن يقسم رب المنزل مئات الأيمان الغليظة أنه لا يملك الطعام.

“فالأساس هو السلوك الصادق ومن يثبت العبث والسلوك العشوائي في مثل هذه الحالات ينل عقابا لا يمكن أن يتخيله”.

– أصحاب المركبات والمسافرين لا يحاولون إختراق حظر التجوال والبحث عن طرق إلتفافية. ولا تجد في الشوارع غير المتطوّعين، الذين تطوّعوا بأرواحهم لنجدة المجتمع، أطباء تطوّعوا وممرضات وباحثين وباحثات يطلبون الإذن من لجنة الحي للخروج وإنقاذ وطنهم وشعبهم.

“لا يوجد من يشكك بالرواية الرسمية في مثل هذه الحالات، وينصت أهل الصين بكل ثقة للتوجيهات الطبية، ولن تجد صيني يهرب الى قناة فضائية مجاورة ويسرد رواية مختلفة. بل عمل الاعلام الصيني كخلية نحل من أجل انقاذ الصين والبشرية من هذا الوباء”.

– سلوك الصين كدولة وحكومة وشعب ولجنة حي ومواطن ينسجم مع غاية واحدة وراقية، وهي (وقف الوباء وإنقاذ الارواح)،، وحين حاولت دول مغرورة تعتقد نفسها أفضل من الصين طلب إجلاء رعاياها فورا ومغادرة الصين. لم تنظر الصين في طلب هذه الدول على انه تشويه سمعة، او مضاعفة البلاء، بل استجابت فورا.

– الصين خسرت مئات الأرواح ومئات مليارات الدولارات في هذه الكارثة، ولم نسمع رئيس الصين أو المخابرات الصينية او الجيش والأمن يتحدثون عن مؤامرة أو عن تقارير سرية لإستهداف الصين، مع ان الاحتمال وارد. بل شاهدنا كيف بادر الصينيون الى البحث عن علاج…

– وأخيرا فقد عاد للدراسة اكثر من 200 مليون طالب صيني ليستكملوا دراستهم ليس في مدارسهم وإنما من خلال هواتفهم وحواسيبهم اللوحية وهم في بيوتهم من خلال تلقي الدروس التي ترسلها المدارس من خلال  النت، ليثبتوا للعالم ان التعليم والعلم  شيء مهم لا يمكن الاستغناء عنه مهما كانت الظروف…

هذا هو ما  يسمى علم وفن إدارة

الأزمات…

عوني الكعكي