Site icon IMLebanon

لماذا أرعبت الصين أميركا؟

 

في مقالاتي السابقة كنت مصرّاً على أن واشنطن هي صاحبة المصلحة العليا في صناعة فيروس كورونا وذلك على خلفية نشري لتأكيدات محللين روس وأميركيين فضلاً عن تلميح الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، لذلك إن مبادئ السياسة الأميركية القائمة على حب السيطرة الأحادية القطب عبر التوسّع والهيمنة مستوحاة من النبؤات التوراتية وتعاليم التلمود ويمكن التأكّد من ذلك من خلال الإطّلاع على كتابي «المؤامرة الكبرى حكومة العالم السرية، والمسألة اليهودية» والدليل أنه بعد أحداث 11 أيلول 2001 والتي ثبت ضلوع جهاز الموساد في تنفيذها بشهادة عضو الـ cia سوزان ليند بور، قال الرئيس الأسبق جورج دابليو بوش، لقد أبلغني الله للذهاب لمحاربة الارهابيين في أفغانستان ففعلت!

 

ثم عاد وأمرني بالذهاب إلى العراق لإنهاء استبداد صدام حسين فقمت بذلك!!

 

لكن ما يجب أن نعرفه جميعاً أن حقيقة الأهداف الأميركية للاجتياح الأميركي للعراق سطعت عندما قال بوش لأحد ضباطه قبل الغزو بأيام قليلة: نحن ذاهبون إلى العراق لجلب نفط الشيوخ العرب إلى شيوخ الكونغرس، وهذا هو التوسّع بعينه الذي تبيحه تلك النبؤات.

 

واليوم وبعد أن جندل وباء كورونا مئات الآلاف من الأبرياء في مختلف بلدان المستديرة سؤال يطرح نفسه على بساط البحث، لماذا أرعبت الصين أميركا قبل أن يبصر وباء الكورونا النور؟

 

تفيد شبكة العين الاخبارية بتاريخ 18 كانون الأول 2018 بأن الاقتصاد الصيني تضاعف 42 مرة بين عامي 1980 و2017 لتزيد قيمته من 305 مليارات دولار أميركي إلى 12.7 ترليون دولار، وقد بلغت قيمة الاستثمارات الخارجية الصينية 284 مليار دولار في عامي 2016 و2017 بعدما كانت تقريباً منعدمة عام 1980 وهذا بحد ذاته تطوّر يقلق واشنطن.

 

وبتاريخ 11 حزيران 2019 قالت «قناة العالم» بأن صفقة أبرمت بين الصين وروسيا أرعبت أميركا وفي التفاصيل أن شركة هواوي وقّعت مع شركة mtc الروسية اتفاقية حول تطوير تقنية 5g في روسيا وأعلنت الشركة الروسية أنها تخطط للاستثمار في شبكة الاتصالات من الجيل الخامس بقيمة تفوق العشرين مليار روبل أي ما يعادل 307 مليون دولار في خمس سنوات على أن تطلق الشبكة في العام 2020 وقد أحدثت عملية التعاون بين البلدين خوفاً شديداَ لدى الغرب، وعندها ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الولايات المتحدة تحاول إقناع الحلفاء بأن هواوي تمثل تهديداً أمنياً حقيقياً قوياً لأميركا.

 

أما ذروة الرعب الأميركي من الصين فقد ظهرت عندما شعرت أميركا بأن التزاوج بين القوتين الصينية والروسية قد تنتج كتلة تهيمن على القارة الأوراسية وكان الكاتب جيمس ستافريدس قد أشار إلى هذه الفرضية لشبكة بلومبرغ الأميركية بتاريخ 11 حزيران 2019.

 

وبالمناسبة فإن نبؤة المحلل السياسي البريطاني هالفورد ماكيندر التي وضعها في العام 1904 وأسماها نظرية قلب الأرض تقول بأن أي أمة أو أمم تستطيع الهيمنة على الجزيرة العالمية أي أوراسيا وأفريقيا ستصبح قادرة على الهيمنة على العالم بأكمله، وما أقلق أميركا بشدّة أيضاً هي مناورة فوستوك التي جرت عام 2018 على الحدود السيبيرية بين روسيا والصين وكانت تلك المناورة من أكبر التدريبات العسكرية التي شهدها العالم منذ إنتهاء الحرب الباردة.

 

وبعد إنتهاء المناورة انضم مئات الآلاف من الجنود والضباط الصينيون إلى مئات الآلاف من الضباط والجنود الروس وتعانقوا على وقع إعلان الرئيسين الصيني والروسي بأنهما أعزّ صديقين.

 

وتعتبر واشنطن أن التهديد الصيني لأميركا لخّصه أحد التقارير عندما قال في العام 2017 لقد أصبح الاقتصاد الصيني يشكّل 15% من الاقتصاد العالمي بعد أن كان يشكّل 4% فقط عام 2000.

 

وتجمع كل التقديرات والتوقعات على أنه إذا استمر الاقتصاد الصيني على وتيرة النمو الحالية فإنه سيتجاوز عام 2029 وربما قبل ذلك الاقتصاد الأميركي ليمسي أكبر اقتصاد في العالم.

 

أما ردّة فعل الكاتب الأميركي جيمس جي كرافانو، وهو يشغل منصب رئيس مؤسسة هيريتدغ فونديشين الاميركية، أتت بوصفه الصين بالفتى الشرير الذي ينبغي مجابهته برد فعل شامل ومنسق وذلك في مقاله في مجلة «ناشيونال انترست».

 

ولا غبار على أن بحر الصين الجنوبي يشكّل أيضا مادة صراع بين الجبّارين الأميركي والصيني، ومن المعلوم أن الجهة التي تسعى إلى سيطرة أحادية القطب على مقدرات وثروات دول المستديرة جمعاء أي واشنطن هي التوّاقة للسيطرة على ثروات هذا البحر نظراً لاحتوائه على 7 مليارات برميل نفط كاحتياطي مؤكّد ونحو 900 ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي فضلاً عن أن باطنه يحتوي على كميات من النفط تفوق أي منطقة في العالم ما عدا المملكة العربية السعودية.

 

أما طريق الحرير التي تعتزم الصين انشاؤه فهو أيضاً تعتبره واشنطن مصدر تهديد لها إذ أنه يربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا بتكلفة تبلغ 47 مليار دولار ويمرُّ بـ 56 دولة علماً أن تاريخ إنشاء طريق الحرير يعود إلى عام 3000 قبل الميلاد وقد كان عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة التي تسلكها السفن والقوافل بهدف التجارة.