في نهاية عام 2013، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ المبادرة المهمة حول البناء المشترك للحزام الاقتصادي في طريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين، وهي المعروفة أيضا باسم الحزام والطريق.
تسعى هذه المبادرة إلى إحياء وتطوير روحية طريق الحرير القديم. إنها فكرة استراتيجية لتخطيط التعاون بين الدول المعنية الواقعة على الحزام والطريق انطلاقا من احتياجاتها الواقعية الهائلة. منذ طرحها، حظيت هذه المبادرة بالاهتمام الكبير والمشاركة الفعالة منقبل المجتمع الدولي، حيث استجاب ما يقارب الـ 60 دولة للمبادرة بشكل إيجابي.
يخترق الحزام والطريق قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، طرفهما في شرق آسيا حيث الاقتصاد النشيط، وطرفهما الآخر في أوروبا حيث الاقتصاد المتقدم، وتتمتع الدول الشاسعة الكثيرة وسط الطرفين بقوة كامنة جبارة للتنمية الاقتصادية.
يتركز الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على الاتجاه من الصين إلى أوروبا (بحر البلطيق) مرورا بآسيا الوسطى وروسيا، والاتجاه من الصين إلى منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط مرورا بآسيا الوسطى وغربي آسيا، والاتجاه من الصين إلى جنوب شرقي آسيا وجنوبي آسيا والمحيط الهندي.
بينما يتركز طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين على الاتجاه من الموانئ الساحلية في الصين إلى المحيط الهندي مرورا ببحر الصين الجنوبي وامتدادا إلى أوروبا، والاتجاه من الموانئ الساحلية بالصين إلى جنوب المحيط الهادئ. وإن المضامين الرئيسية لمبادرة البناء المشترك للحزام والطريق يرتكز على تناسق السياسات وترابط الطرقات وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتفاهم العقليات.
منذ أكثر من سنة، واصلت حكومة الصين الدفع بنشاط لبناء الحزام والطريق، وعززت الاتصالات والمشاورات مع الدول على طول الحزام والطريق. وهي تحثّ على التعاون العملي مع تلك الدول، وتنفذ سلسلة من السياسات والإجراءات، سعيا وراء تحقيق حصاد مبكر.
فقذ زار الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس مجلس الدولة لي كتشيانغ وغيرهما من قادة الصين أكثر من 20 دولة على التوالي، وحضروا مؤتمر الحوار في شأن تعزيز الشراكة والترابط والتواصل، والاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، حيث أجروا لقاءات عديدة مع رؤساء الدول والحكومات المعنية للتشاور حول العلاقات الثنائية ومسائل التنمية الإقليمية، وتوصلوا إلى قواسم مشتركة كثيرة في شأن البناء المشترك لـلحزام والطريق.
بفضل الجهود المشتركة من قبل الدول المعنية، حقق البناء المشترك للحزام والطريق دفعة من الحصاد المبكر، فوقّعت الصين مع بعض الدول على مذكرات التعاون للبناء المشترك للحزام والطريق وعلى تخطيطات التنمية للتعاون الاقتصادي والتجاري المتوسط والطويل الأمد.
ودفعت الصين والدول الأخرى نحو مشروعات التعاون الرئيسية في مجالات ربط البنية الأساسية والاستثمار الصناعي واستغلال الموارد والتعاون الاقتصادي والتجاري والتعاون المالي والتبادل الإنساني وحماية البيئة الإيكولوجية والتعاون البحري وغيرها.
وبلغت الأعمال التحضيرية لتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار بالبنية الأساسية مرحلة متقدمة، وكذلك الدعوة الى إنشاء صندوق طريق الحرير وكلاهما يُعتبر مساحتين مهمتين للاستثمار والتمويل للبناء المشترك للحزام والطريق.
كما أقامت الصين تعاونا إنسانيا وثقافيا مكثفا مع الدول الأخرى مثل تنظيم الاحتفالات في السنة الثقافية والمهرجانات الفنية وإنشاء المركز الثقافي الصيني. وقدمت الصين أكثر من 18 ألف منحة دراسية حكومية إلى الدول الأخرى، وتمّ إنشاء مراكز ثقافية صينية في العديد منها. لذا فقد أظهرت مبادرة البناء المشترك للحزام والطريق آفاقا واسعة لتطويرها وتنميتها.
في شهر آذار هذه السنة، اصدرت الحكومة الصينية وثيقة التطلعات والأعمال حول دفع البناء المشترك للحزام والطريق وتفسر فيها الخلفيات والمبادئ والمحتويات والآليات والأهداف. وتشير الوثيقة إلى أن الحزام والطريق يعد طريقا للتعاون والكسب المشترك يدفع التنمية المشتركة ويحقق الازدهار المشترك، وطريقا للسلام والصداقة يعزز التفاهم والثقة المتبادلة والتبادل في جميع المجالات.
تدعو الحكومة الصينية إلى التمسك بأفكار السلام والتعاون، الانفتاح والتسامح، التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة، المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وإلى دفع التعاون العملي في جميع المجالات، في سبيل بناء مجتمع ذي مصلحة مشتركة ومصير واحد ومسؤولية مشتركة يتسم بالثقة السياسية المتبادلة والاندماج الاقتصادي والتسامح الثقافي.
كما أوضح الرئيس شي جينبينغ أن مشروع بناء الحزام والطريق يتطلب التمسك بمبادئ التشاور المشترك والبناء المشترك، إنه ليس مشروعا مغلقا بل هو منفتح وشامل، وإنه ليس أداء فرديا للصين، بل هو غناء متناغم بين الدول الموقعة عليه.
إن بناء الحزام والطريق لا يهدف إلى تبديل آليات التعاون الإقليمية والمبادرات القائمة، بل يدفع في اتجاه تطابق الإستراتيجية التنموية وتكامل الميزات بين الدول المختلفة. إن هذا المشروع ليس شعارات فارغة، بل هو خطوات واقعية مرئية وملموسة، ستأتي بالخير الحقيقي للدول الإقليمية.
يعود تاريخ الصداقة بين الصين ولبنان الى مرحلة طريق الحرير القديم وقد شهدت العلاقات الودية بينهما التطورات المستمرة والعميقة وحققت انجازات ملموسة لتعاوناتهما في كل المجالات في السنوات الأخيرة. وقد أصبحت الصين شريكا أكبر للبنان على مدى السنتين الماضيتين.
يسرنا جدا، أن نجد اهتماما كبيرا من مجتمع لبنان للحزام والطريق ونتطلع الى بذل الجهود المشتركة من البلدين حكومة وشعبا من أجل إيجاد الفرص الجديدة من خلال البناء المشترك للحزام والطريق، ولدينا ثفة تامة بلبنان. نأمل أن تدفع الصين ولبنان في اتجاه دمج التطلعات، وأن يعملا معا لإيجاد حيوية جديدة لتطوير علاقاتهما الودية وتعاونهما العملي بما يوفّر المزيد من الخير لشعبي البلدين.