Site icon IMLebanon

“الرشّ” الاستعراضي “بلا طعمة”

 

التعقيم بواسطة الكلور غير مضرّ

 

 

أثار “الرش” في الشوارع، إحدى أحدث صيحات البلديات للوقاية من فيروس كورونا، جدلاً واسعاً بين الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي. وكما جرت العادة، اللبناني “بيفهم بكل شي”، فترى البعض يروج لأخبار استخدام البلديات لمواد مؤذية، والبعض الآخر يؤكد أنّ “الكلور” سام ومضر… ولكن لو نكف عن نشر المعلومات المغلوطة، وليهتم كل واحد بمجال اختصاصه، فآخر ما كان ينقصنا بعد “stress الرش” في هذه المرحلة بالذات.

جنّدت البلديات طاقاتها وإمكاناتها لمواجهة وباء “كورونا” المستجد، واتّخذت تدابير واجراءات احترازية ووقائية، فلجأت الى عمليات رش الشوارع والمباني وتعقيمها للحد من انتشار الفيروس ولحماية الأهالي. لم يمر هذا الاجراء مرور الكرام في بعض المناطق اللبنانية، فامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بآراء مختلفة قد يكون بعضها منطقياً، وبعضها الآخر مجرد”تنظير” لا فائدة منه. كذلك، امتلأت هواتفنا بالتسجيلات الصوتية المتناقلة بين الناس على “الواتساب” لتحذيرنا من خطورة الرش. ولعل التسجيل الأكثر تداولاً بيننا، يعود لسيدة تشير الى أنّ “التعقيم بالكلور على مستوى البلديات، عملية غير مبررة اطلاقاً، لا بل مؤذية للانسان وبيئته، وأنّ الكلور يتحول الى غاز سام جدّاً للرئتين والعيون، وللغدد وافراز الهرمونات…”. تسجيل، كان كافياً لإقلاق كل شخص فينا عقّم شارعه أو مدخل بنايته… الّا أن الرأي العلمي يدحض هذه المعلومات، فبحسب الخبيرة في الشؤون البيئية الدكتورة فيفي كلاب “كل ما ورد غير صحيح، ولو يكف الناس عن نشر المعلومات المغلوطة والتنظير العشوائي غير المرتكز على المعلومات من مصادر علمية موثوقة”.

هذا الرأي العلمي، لا يمتدح أبداً التعقيم العشوائي في الشوارع، من قبل بعض البلديات بهدف الترويج الاعلامي أو للمزايدات، من دون أي نتيجة حقيقية تنفع الأهالي. على أي حال، على البلديات أن تدرك أنّ التعقيم عملية يومية تستوجب اتباع طرق علمية لتنفيذها… فما فائدة تعقيم الشجر؟ أو الهواء؟ فالفيروس لا ينتقل فيه بهذه السهولة، بل لديه شروط للانتقال، ان كان بواسطة الرذاذ أو القطرات. وقد يكون قلق الاهالي وهلعهم من عمليات التعقيم مبررة، على الرغم من نوايا بعض البلديات الحسنة، لان المعقّمين يجهلون غالباً طبيعة المواد المستعملة، فمن المهم تمتع البلديات بالشفافية تجاه أهلها من خلال اعلامهم بنوع المواد المستعملة ومعاييرها ونسب تركيزها، والّا من حق الناس الاعتراض على هذه التدابير.

 

ولكن ماذا عن التعقيم بالكلور أو رش المبيدات؟ فهل هذا يؤذي الناس أو يفيدهم ويحد من انتشار الكورونا في ما بينهم؟ تجيب كلّاب بوضوح أنّ “التعقيم مرّة افي الأسبوع في الشوارع “مسرحية” لا فائدة منها. والأجدى، تعقيم الأماكن العامة التي يقصدها الناس بأعداد كبيرة مرتين يومياً، قبل دخولهم اليها وخروجهم منها، وخصوصاً في السوبرماركات، الصيدليات، الأفران، مداخل الأبنية، والمختبرات التي تجري فيها فحوصات الكورونا، وتعقيم أماكن الحجر مع لفت النظر الى مياه الصرف الصحي في هذه الأماكن، بعد ثبوت معلومة امكانية مرور “كورونا” بالجهاز الهضمي وخروجه بالبراز. ننتقل الى مواد التعقيم، مع موجة الانتقادات والمغالطات التي سببها هذا الموضوع، وأشدد على طريقتين لا ثالث لهما للتعقيم؛ أولاً الكلور: بنسبة مكيال واحد كلور لـ 9 مكاييل ماء (بحسب مواصفات منظمة الصحة العالمية)، وأؤكد أنّ استعماله بهذه النسبة لا يضر عكس ما اشيع، وثانياً: التعقيم بواسطة الماء والصابون. ولا يحاول أحد اقناعنا بفعالية خلط المعقمات مع بعضها و”رشها” في الشوارع. مع الاشارة الى أهمية خلق جهة محددة في وزارة الصحة تشرف على المواد المستعملة بالتعقيم المعتمدة من قبل البلديات لحماية الأهالي. كل ما ذكرناه آنفاً، مهم وأساسي، ولكن الخطوة الأهم في هذه الفترة والتي يجب ألا تهملها البلديات، هي تعقيم مستوعبات النفايات وغسلها جيّداً، واعتماد طريقة صحيحة لجمعها خصوصاً مع وجود مصابين في الحجر المنزلي. مع التشديد، على وجوب تأمين سبل الوقاية لعمال النظافة قبل كل شيء، وعدم الاستلشاق بهذه الخطوة، فهم ينتقلون من بيت الى آخر، ومن شارع الى آخر، فما نفع الندم اذا اصيبوا بالكورونا واستمروا بمهامهم اليومية بيننا؟ كذلك، على المصاب في الحجر المنزلي التأكد من وضع “كيس” نفاياته داخل “كيس” آخر، لحماية العمال. مع الاشارة، الى ضرورة التأكد من تخلص المستشفيات والمختبرات من نفاياتها بشكل سليم”.

الحشرات… هل تنقل الكورونا؟

 

في غضون أشهر، يبدأ فصل الصيف وترتفع معه درجات الحرارة، ونكون على موعد مع انتشار الحشرات بيننا مثل الذباب والبعوض. فهل من عوامل بيئية طبيعية تستطيع قتل هذا الفيروس المستجد؟ وهل يمكن أن تنقل الحشرات “الكورونا” الينا؟ توضح كلّاب أنه “لا توجد عوامل بيئية حتّى الآن، تحد من انتشار الكورونا او تضمن قتله، وخصوصاً أننا نتكلم عن فيروس وليس بكتيريا، وبالتالي لا يطبق عليه مبدأ الـ “prédateur”، أي الاقوى يقتل الضعيف. أمّا في ما يخص المبيدات، فعلى البلديات ادراك حجم خطر رشها في الشوارع وبين الأهالي، ويمنع منعاً باتاً استخدامها للتعقيم وقتل الحشرات، فهي تضعف جهاز مناعة الانسان، وتسبب الحساسية له، وتؤثر على جهازه التفسي… وبالنسبة لامكانية ان تنقل الحشرات الفيروس من شخص لآخر، فلا يوجد اي شيء مؤكد حتّى الساعة، ولكن التحليل العلمي والمنطقي يساعدنا على الاجابة عن هذا التساؤل: فما هي كمية الفيروس التي يمكن أن تنقلها الحشرة للانسان؟ واذا اعتبرنا أنّه يمكنها نقله عبر قدمها التي لا تحتوي على المخاط (وبالتالي لا يمكن للفيروس العيش مطولاً عليها)، فشرط اصابتنا به يقتصر على لدغنا في عيننا أو داخل أنفنا أو فمنا… وهذا غير منطقي. ويهمني أن أوضح أن تركيز كمية الفيروس عنصر اساسي جدّاً في نقل العدوى. مع الاشارة الى أنّ الدراسات التي يتناقلها الجميع حول عدد الساعات والايام التي يعيش فيها الفيروس على الاسطح المختلفة، ليست قاعدة يمكن الاعتماد عليها في الشارع، وخصوصاً أنها اجريت في المختبرات بنسبة مركزة جدّاً من الفيروس لدراسة خطر الأشياء على الطاقم الطبي والتمريضي، وهذا لا ينطبق أبداً على الأماكن العامة”.

 

الكلور وتوصيات «الصحة العالمية»

تكاثرت النصائح حول استخدام الكلور في التطهير والتعقيم للوقاية من فيروس كورونا المستجد. في هذا السياق، توضح منظمة الصحة العالمية أبرز ما يجب معرفته عن التعقيم بواسطة الكلور:

 

– هل يساعد رش الجسم بالكحول أو الكلور في القضاء على مرض فيروس كورونا-2019 (كوفيد-19)؟

 

كلا، لن يقضي رش الجسم بالكحول أو الكلور على الفيروسات التي دخلت جسمك بالفعل. بل سيكون ضاراً بالملابس أو الأغشية المخاطية (أي العينين والفم). ومع ذلك، قد يكون الكحول والكلور مفيدين في تعقيم الأسطح، ولكن ينبغي استخدامهما وفقاً للتوصيات الملائمة.

 

– ما نوع المُطهِّر الذي يمكنني استخدامه في مسح الأسطح للوقاية من وباء كوفيد-19؟

 

إذا كانت الأسطح متسخة، فامسحها في البداية بصابون منزلي عادي أو مُنظِّف ثم اشطفها بالماء. ثم استخدم مُطهِّراً منزلياً عادياً مثل المُبيِّض – تقضي المادة الفعَّالة (هيبوكلوريت الصوديوم) في المُبيِّض على الجراثيم والفطريات والفيروسات. واحرص على حماية يديك عند استخدام المُبيِّض (بارتداء قفازات مطاطية على سبيل المثال). وخفِّف المُبيِّض بالماء حسب التعليمات الموجودة على العبوة.

 

دورية تعقيم

 

– ما هي المطهرات الموصى باستخدامها لتنظيف البيئة في مرافق الرعاية الصحية أو المنازل التي يوجد فيها المرضى، الذين يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس كورونا المستجد أو الذين تأكّدت إصابتهم بها؟

 

لتنظيف البيئة في مرافق الرعاية الصحية أو المنازل التي يوجد فيها المرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس كورونا المستجد أو الذين تأكّدت إصابتهم بها، ينبغي أن تُستخدم المطهرات الفعالة ضد الفيروسات المغلفة، مثل فيروس كورونا المستجد وغيره من أنواع فيروسات كورونا. وهناك العديد من المطهرات، بما فيها تلك الشائعة الاستعمال في المستشفيات، والتي تعد فعالة ضد الفيروسات المغلفة. وتنص توصيات منظمة الصحة العالمية حالياً على استخدام ما يلي:

 

– 70 في المئة من الكحول الإيثيلي لتطهير المعدات المخصصة القابلة للاستعمال المتكرر (مثل مقاييس الحرارة) عقب كل استخدام.

 

– هيبوكلوريت الصوديوم بنسبة 0.5 في المئة (ما يعادل 5000 جزء في المليون) لتطهير الأسطح التي تُلمس بشكل متكرر في المنازل أو في مرافق الرعاية الصحية.

 

ما هي التوصيات الخاصة باستعمال الكلور لتنظيف اليدين وتعقيمها في سياق فيروس ‏كورونا المستجد؟

 

يمكن استعمال محلول الكلور المخفف (0.05 في المائة) لتعقيم اليدين عندما لا يتوفر ‏مطهر كحولي لليدين أو صابون. ولكن لا يوصى باستعمال محلول الكلور المخفف عندما ‏يتوفر المطهر الكحولي أو الصابون والماء لأنه ينطوي على مخاطر أكبر بالتسبب في ‏حساسية لليدين، وأضرار صحية أخرى جراء تجهيز محاليل الكلور وتخفيفها. إضافة إلى ‏ذلك، يجب تجهيز محاليل الكلور يومياً وتخزينها في مكان جافٍ وبارد في عبوات مغلقة ‏بإحكام بعيداً من ضوء الشمس، وإلا يمكن أن تفقد شيئاً من مفعولها ونجاعتها في التطهير. ‏غير أن الكلور معقم فعال لأغراض التنظيف البيئي (بمستوى تركيز 0.05 في المائة) إذا ‏استُعمل بعد التنظيف بالصابون والماء.