Site icon IMLebanon

إختناق لبنان من “الرئة السورية”؟

 

استبقت أوساط “حزب الله” الأسبوع الماضي اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل، على وزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت الفائت إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية، ثم إعلانه اليوم التالي في مهرجان ذكرى 13 تشرين أنه سيزورها، بالترويج بأن رئيس “التيار الوطني الحر” سينال تنازلات مهمة من دمشق.

 

إستندت هذه الأوساط إلى نتائج لقاء الأمين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله مع باسيل ليل الخميس الذي سبق.

 

قالت أوساط “الحزب” إن السلطات السورية ستعطي باسيل ما لم تستطع اتصالات سابقة أجراها وزراء قوى 8 آذار ومقربون من الرئيس ميشال عون، أو طرحها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، أن تحققه. كانت قيادة النظام السوري تشترط مباحثات من حكومة إلى حكومة لاستدراج الرئيس سعد الحريري إلى الموافقة على التطبيع مع سلطة بشار الأسد.

 

مما روجته هذه الأوساط، في تزيينها لما سيجنيه باسيل، أنه سيحصل على تسهيل انتقال البضائع اللبنانية عبر معبري نصيب الحدودي مع الأردن، والبوكمال على الحدود العراقية، بتحقيق مطلب التجار اللبنانيين خفض الرسوم التي فرضتها الحكومة السورية على الشاحنات العابرة للأراضي السورية. وهي رسوم تصاعدية وفق عدد الكيلومترات التي تقطعها داخل هذه الأراضي، إضافة إلى الرسم الأساسي.

 

ومما أشاعته أوساط “حزب الله” أن الجانب السوري سيعطي تسهيلات لإعادة أعداد من النازحين تفوق تلك التي قبل بها إلى الآن، إضافة إلى تسهيلات لمستثمرين لبنانيين…هل تكفي هذه الإغراءات لتفسير اندفاع باسيل بخطوة مهد لها عون في خطابه أمام الأمم المتحدة، ملوحاً بالانفتاح على دمشق إذا لم يساعد المجتمع الدولي في إعادة النازحين؟ سمعة النظام السوري لدى الدول المعنية حول إعادة النازحين، هي أنه يناور ويفعل عكس ما يقول، وليست لديه الإمكانات لتمويل عودتهم من أجل إقامتهم في خيم بدل منازلهم المهدمة، نظراً إلى الوضع الاقتصادي المزري في البلد. والمسؤولون الروس يقولون إن النظام، إما لا يقدر أو لا يريد إعادتهم، بغياب تمويل الدول المانحة، التي تشترط خطوات تبدأ بإطلاق المعتقلين وضمان عدم التعرض للعائدين أو إخضاعهم لضغوط المخابرات، وإشراف الأمم المتحدة على تحسين أوضاعهم، تمهيداً لإشرافها على الانتخابات النيابية بعد سنة، والرئاسية العام 2021…هل صحيح أن باسيل استند في اندفاعته، بعد اتفاقه مع نصرالله، إلى تكهنات بانفتاح سوري سعودي، بالتزامن مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية، وأن مسؤولاً سورياً سينتقل إلى الرياض أثناء الزيارة؟ ألا يتساوى هذا النوع من الشائعات، مع تلك القائلة إن مسؤولاً إماراتياً زار طهران بالتزامن مع وجود رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان فيها للتوسط بينها ودول الخليج، تبيّن زيفها؟. وهل دقق باسيل مع سفراء الدول العربية المعنية في صحة ما يروج عن أنها تتجه لإعادة سوريا للجامعة العربية، في وقت ينفي ديبلوماسيوها أمراً كهذا، يتصل باتفاق أميركي روسي أولاً؟. الأيام ستكشف حقيقة اندفاعة باسيل. ولأن النظام السوري يأخذ ولا يعطي، يفترض التنبه إلى خطورة أن يكون الهدف إعانة حكام دمشق، عبر لبنان، على تجاوز العقوبات الأميركية التي أخذت تجفف اقتصادها من الدولار الأميركي وتخنقه. والأشهر الماضية أثبتت أن سحب الدولار الأميركي من لبنان إلى بلاد الشام أربك ماليته ونقده. ألا يقود التنطح لهذه المهمة إلى “اختناق لبنان” عبر الرئة السورية المصابة بمرض عضال، بحيث تتوسع العقوبات على “حزب الله” لتشمل اقتصاد لبنان مواربة ومباشرة؟

 

قد يكون على اللبنانيين ألا يتفاجأوا، إذا عادت دول عربية عن وعود لرئيس الحكومة سعد الحريري، بتأمين دعم للمالية العامة، سواء عن طريق وديعة أو اكتتاب بالسندات، إذا رأت أنه سيوظف لمساعدة دمشق و”الحزب” على تفادي العقوبات؟