IMLebanon

ابعد من الكوليرا

 

 

لم نتنفّس بعد من تداعيات وباء كورونا حتى دهمتنا جائحة الكوليرا بكل ما تحمل الذاكرة الجماعية من تاريخ مظلم لهذا الجرثومة على المستويين الوطني والعالمي قاطبة.

 

فقد انطلق الكوليرا في الثلث الأول من القرن التاسع عشر (بين العامين 1816 و1826)في ولاية «البنغال» ليعود فينتشر في الهند كلها ويقضي على الملايين بينهم عشرة الاف جندي انكليزي من القوات التي كانت منتشرة في الهند آنذاك. طبعاً، الكوليرا ليست اليوم قادرة على إسقاط الكم الهائل من المصابين، ليس لأن قوة الجرثومة تراجعت، إنما لتوافر الأدواء والعناية الصحية، والنظافة الشخصية والبيئية…

 

وهنا بيت القصيد عندنا في لبنان بعدما أسأنا إلى البيئة إساءة موصوفة، لا سيما ما يتعلق بالمياه، مصادرَ ومجاريَ، بالنسبة إلى الينابيع والأنهار والسواقي.

 

وما يزيد في الطين بِلّةً أعداد مخيّمات النازحين القائمة على ضفاف الأنهار والتي كثيراً ما يصبّ صرفها الصحي في المياه التي تُستخدم في ري المزروعات خصوصاً الحشائش والبقول، فتنتقل معها الجرثومة إلى طعام الذين لا يمتلكون وسائط التطهير لأسباب عديدة تراوح بين الإمكانات المادية وأسلوب العيش (…).

 

يطرح هذا الأمر البالغ الخطورة مسألة التقصير اللبناني المتمادي الفادح والفاضح في التعامل مع البيئة من جهة، ومع أزمة النازحين من جهة ثانية، وهو ما أدى ويؤدي إلى تداعيات خطرة ليس الجانب الصحي إلا واحداً منها.

 

الأهم أن الكوليرا أخذت تتحول عندنا إلى وباء وجائحة، وإلى مزيد من التفاقم، وأمس كشفت دوائر في وزارة الصحة العامة عن نتائج فحوصات أُجريت على ثلاثة مصادر مياه في طرابلس، والمؤسف أنها، كلّها، جاءت إيجابية من حيث التلوث… فماذا ننتظر أمام هكذا وضع مأسوي، إلّا المزيد من الأمراض والأوبئة؟!.

 

باختصار إنها أكثر من أزمة وباء على خطورته، إذ هي أزمة وطن تلهّى قادته والمسؤولون عنه بمصالحهم وأنانياتهم على حسابه، وهو الذي يعني اسمه ( لبنان) الطيب والعطر، فبات مزبلة!