Site icon IMLebanon

جوقة الضفادع

 

«نقيق»، ثمّة جوقة تنطلق في البلد تنطق بالباطل باعتبار أنّه الحقّ، «هلكونا»، متى ستنفجر ضفادع هذه الجوقة فيرتاح اللبنانيون من نقيقها ليل نهار، يشبه واقعنا اليوم واقع ضفدع كليلة ودمنة المتضخم، ضفدع صنّف نفسه كبيراً، «كان ضفدع ضخم وكان فخورًا بحجمه، كل الضفادع الأخرى، كانوا يخشونه، وكانوا يعاملوه باحترام كبير. كذلك كل المخلوقات الأخرى، واليرقات المضيئة الزرقاء، والتي كانت تحوم طوال اليوم، فكانوا يبتعدون عن لسان الضفدع الكبير اللزج، وكذلك كل البراغيث الصغيرة، كانت ترفرف في سحابه ناعمة في الليل، حتى الأسماك في الجدول كانوا يسبحون بحذر، بدون أن يزعجوه، فكان الضفدع بمثابة ملك لهذه المنطقة من دون أي منازع له.

 

واعتبروا أنّ لبنان في هذه الحكاية هو المرج أو الجدول أو الثور «إذا بدكن»، في صباح أحد الأيام، كان الثور يمشي في المرج، وكل المخلوقات الصغيرة في الجدول بدأت تحدق في الثور باستغراب وخوف، وهرعت الفراشات ترفرف مبتعدة بسرعة، النمل العامل بجهد والنحل المشغول توقفوا جميعًا عن أعمالهم، حين مر الثور بجوارهم ببطء، فكلهم لم يسبق لهم أن رأوا مخلوق بهذه الضخامة، وسمع الضفدع اليرقات تتحدث عن الثور الضخم ويصفونه بأنه وحش ضخم وكبير، سيعيش معهم بجوار الجدول، ولم يصدق الضفدع أي كلمة مما سمعها من اليرقات، وقال الضفدع: كيف يمكن أن يكون هناك أي مخلوق أكبر مني؟ لا يمكن أن يكون هناك أكبر من أكثر ضفدع مدهش في العالم كله، ورأى الضفدع الثور الكبير، وسأل نفسه: لماذا كل هذه الجلبة، فهذا الوحش المخيف ليس إلا ثور كبير سخيف، ليس كبيرًا كما يقول الآخرين. فصرخ الضفدع في اليرقات هل هذا هو الوحش الكبير؟. فردت اليرقات بخوف: نعم، هل رأيت كم هو كبير؟ فضحك الضفدع بسخرية، قال: كبير؟ وهل تعتقدون أن هذا الثور كبير؟ لماذا؟ أنا أستطيع أن أكون ضعف حجمه إن أردت ذلك، شاهدوني.

أخذ الضفدع نفسًا كبيرًا وظل ينفخ وينفخ حتى انتفخ مثل البالون الكبيرة، وقال الضفدع هل رأيت؟ ألست كبيرا مثله؟ كان الضفدع يسأل اليرقات ويتحدث بصعوبة، فردت اليرقات: لا يا ضفدع لم تصل بعد إلى حجمه، الوحش أكبر بكثير أنظر له كيف ينام على العشب، ويبدو ضخمًا للغاية.

فقال الضفدع:حسناً، سترون، أخذ الضفدع نفساً أخر عميق، ونفخ مجددًا أكثر من مرة وقال لابد وأن أكون أكبر منه الآن، فردت اليرقات لا ليس بعد، وشعر الضفدع بالغيظ من اليرقات، وبشرته بدت أفتح وممددة كثيرًا، وكان الأمر صعبًا لأنه كان يشعر، بأنه سينقلب في أي لحظة، كما أن وجنتيه كانت شديدة الانتفاخ وعيناه تقريبًا، كانت مغلقة من شدة الانتفاخ، فقرر الضفدع أن يقوم بمحاولة أخيرة، حتى ترى اليرقات أنه الأكبر.

قال الضفدع: شاهدوني وأخذ نفسًا عميقًا بصعوبة كبيرة، وكان النفس بأقصى قوة يستطيعها الضفدع، وبدأ ينفخ وينفخ وينفخ وبدأ يكبر ويكبر ويكبر وفجأة سمع صوت فرقعة وانفجر الضفدع، نتيجة لكبره.

يعيش لبنان زمن «الضفدع» المتكبّر، زمن «صغرون»، فإلى أين نحن ذاهبون، جوقة الضفادع صدّعتنا، هذا النقيق اللامحتمل سيقود البلد بكلّ وقاحة إلى الانهيار!