Site icon IMLebanon

جمال الطبيعة امتزج بكرم الأهالي

 

 

نهار سياحي بيئي في الشوف الأصيل

 

في زمن العتمة واليأس، في زمن الإحباط الذي يعم اللبنانيين، جميل ان تنتصر الحياة على السوداوية المطبقة، فيقوم حشد من الإعلاميين والإعلاميات بزيارة سياحية وجولة بيئية على منطقة الشوف ومعالمها التاريخية ليكتشفوا فجأة او بالأحرى ليعودوا ويكتشفوا كم يزخر هذا البلد بإمكانات هائلة وكبيرة ومناطق سياحية وتراثية ومحميات طبيعية قل نظيرها.

 

لساعات يحل الأمل مكان الياس، وترتفع إرادة التحدي واعادة ترميم الثقة مكان الاحباط. فعلاً انه وطن أقوى من الموت. وهو وطن حياةٍ مفعم بالتنوع الطبيعي، والتاريخي والثقافي والاجتماعي كتنوعه الديني والطائفي والمناطقي.

 

هي رحلة استكشاف لبنان في يوم سياحي داخلي يمتزج فيه جمال الطبيعة مع كرم الاهالي. الأحراج وأشجار الصنوبر والجوز المثمر وكروم الزيتون تبشر بموسم واعد. منطقة خضراء أحسن سكانها استصلاح اراضيهم وزراعتها فأعطاهم الله من خيراتها خضاراً وفاكهة.

 

ففي اطار تشجيع السياحة البيئية الداخلية والتنمية الريفية، نظّمت محمية أرز الشوف الطبيعية ومبادرة الشوف الأصيل يوماً سياحياً بيئياً في ربوع منطقة الشوف بالتعاون مع نادي الصحافة، شاركت فيه مجموعة من الاعلاميين من مختلف القنوات التلفزيونية والاذاعية والصحف والمواقع الالكترونية يتقدّمهم المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة ومدير الوكالة الوطنية للاعلام زياد حرفوش وعدد من الوجوه التلفزيونية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

إلى أرز الشوف

 

ركزت الجولة على الجزء الجنوبي من محمية أرز الشوف الذي يُعدّ آخر إمتداد للأرز اللبناني في قرية نيحا الشوف، حيث تم استعراض التعاون الدائم القائم بين المحمية والبلديات والتعاونيات الزراعية ومقدمي الخدمات والمجتمع المحلي ككل لتعريف الضيف على تراث وتاريخ المنطقة والنشاطات الصديقة للبيئة التي بإمكانهم اختيارها.

 

من الاشرفية كان الانطلاق على متن الباص السياحي City Sightseeing Lebanon، وكانت المحطة الاولى في قصر المير أمين حيث كان في استقبال الاعلاميين رئيسة مبادرة الشوف الأصيل نورا جنبلاط ورئيس لجنة محمية الشوف الطبيعية شارل نجيم ومديرها نزار هاني.

 

كلمة ترحيب من السيدة جنبلاط التي اوضحت “أن محمية أرز الشوف الطبيعية قطعت شوطاً كبيراً في دعم السياحة الريفية عبر مشاريع متعددة وشركاء محليين وأجانب. وتبنّى السكان المحليون هذه الفكرة وفتحوا بيوتهم ومزارعهم لاستقبال السياح وتمكنوا من إيجاد بدائل محلية لتأمين الدخل ورفع مستوى المعيشة، بدائل ترتكز على الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية”، واعتبرت “أن عملية الحماية لم تعد تشكل عائقاً أمام أهل المنطقة بل تحوّلت إلى فرص عمل وانتاج تحافظ على الإرث الطبيعي والحضاري والثقافي”.

 

وتحدث باسم الوفد الاعلامي عضو الهيئة الادارية لنادي الصحافة سعد الياس الذي اوضح ان الهدف من الجولة: التعرف بأم العين كيف يتم الحفاظ على البيئة في هذه المنطقة، وكيف تتم حماية الثروات الطبيعية خصوصاً أن الشوف يضمّ أكبر وأهم محمية طبيعية في لبنان، تحتوي على ثلاث غابات أرز بين معاصر الشوف والباروك وعين زحلتا، وتتميّز بتنوّعها البيولوجي وأشجارها المعمّرة وصخورها وبحيرتها وتُعتبر ممراً للطيور المهاجرة وموئلاً للحيوانات النادرة”.

 

وكانت كلمة عفوية للمدير العام لوزارة الاعلام حسان فلحة أثنى فيها على” المبادرات الهادفة التي تنشّط الحركة الاقتصادية والسياحية والتنمية الريفية. ونوّه بالتنوّع اللبناني الذي تعكسه تركيبة الوفد الاعلامي والتي تؤكد أن الأمل لن يضيع بقيامة لبنان على رغم تعدّد الانتماءات السياسية والطائفية والحزبية”، ورأى “أن الامكانات التي يتمتّع بها لبنان كبيرة وغنية وأن المطلوب اعادة تضافر الجهود وإعلاء شأن المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني على كل ما عداه من الانتماءات الأخرى”، وختم “في لبنان يصحّ القول السلم السيئ أفضل من الحرب الجيدة”.

نيحا

 

ثم توجّه الصحافيون برفقة السيدة جنبلاط وفريق المحمية إلى قلعة نيحا الأثرية التي تعد مدخلاً من المداخل الستة لمحمية أرز الشوف، حيث كان رئيس بلدية نيحا في إستقبالهم، وبعد الترحيب جال الوفد داخل القلعة التي لجأ اليها الامير فخر الدين وتعرّفوا على تاريخها. ثم انتقل الوفد الإعلامي إلى جباع الشوفية، وكان في استقبالهم رئيس البلدية في ساحة القرية بصحبة عازف المجوز، ذاك الرجل الثمانيني الذي أمتع الحضور بأجمل الإلحان التراثية.

 

وكانت المحطة الرابعة في بيت الضيافة في مرستي الشوف بحضور رئيس البلدية وأصحاب بيت الضيافة الذين قدّموا الفاكهة من خيرات الأراضي الزراعية في هذه القرية. وقد شكرت الاعلامية دنيز رحمة فخري باسم الاعلاميين حسن الضيافة في هذا البيت، وشدّدت على اهمية تشجيع السياحة الداخلية.

 

وفي طريقهم إلى معاصر الشوف توقّف الوفد عند موقع تأهيل نموذجي، قامت المحمية باستصلاحه عبر ترميم الجدران الحجرية الجافة وزرع المدرجات الزراعية بشتول مختلفة وعلى الأسس التقليدية، بالإضافة الى تنظيف الغابات وتحويل الكتلة الحيوية الى سباخ طبيعي بعد فرمها. أما في ساحة معاصر الشوف فكانت تجربة ركوب الحمير والتعرّف على البلاط العتيق في انتظار الصحافيين، بحضور رئيس البلدية الذي قام بالترحيب بهم، واختُتم النهار بغداء تراثي تقليدي في”الفندق” في معاصر الشوف في أحضان غابة الارز التي تعلو المكان، وتخلّلت الغداء التكريمي أغان طربية وترحيب من رئيس لجنة المحمية وعقيلته.

 

اكثر ما ميز الرحلة عنصر الشباب النابض بالحياة الذي يساهم مساهمة مباشرة في إنضاج الكثير من المشاريع الزراعية والبيئية، يؤدونها بحماس في وقت بات حماس من في عمرهم وحبهم للبقاء في بلدهم عملة نادرة. وقد عبّر الاعلاميون خلال هذه المحطات عن إعجابهم بطبيعة الشوف، وحسن الضيافة وبالجهود التي تبذل للحفاظ على تراثه وبيئته وتنوّعه البيولوجي، وشجّعوا اللبنانيين المقيمين والمغتربين على زيارة المواقع الطبيعية والسياحية في بلدهم دعماً لتنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية ومساعدة لبنان على التخفيف من أزماته الحادة. هي فسحة امل وارادة مستدامة على دور لبنان الذي يحتاج الى تضافر ابنائه من اجل مستقبله ومستقبلهم ولا ضير ان نستعين بماضينا…الحجر هناك شاهد يبتسم ويحزن، والشجر ايضا.

 

مبادرة الشوف الأصيل

 

وهي مبادرة تهدف الى تنشيط الحركة الاقتصادية وتحفيز السياحة لمنطقة الشوف من خلال إظهار جانبها الأصيل والاضاءة على العديد من المقومات البيئية والتاريخية والثقافية التي تبدأ بشواطئ ساحل الشوف وصولاً إلى الأرز مروراً بأهم المعالم التراثية والدينية ما بينهما. كما وتهدف إلى الترويج لنشاطات السياحة الريفية، التنمية المحلية وتمكين صغار المزارعين ومقدمي الخدمات من بيوت ضيافة، طاولات ضيافة، مطاعم صغيرة وغيرها في منطقة الشوف، بالإضافة إلى زيادة النشاط السياحي من خلال بناء شراكات واسعة النطاق بين القطاعين العام والخاص، وضع المعايير وضمان الجودة، تطوير وتنسيق المنتجات السياحية، تطوير استراتيجيات التسويق وتوفير المعلومات الموثوقة للزائرين والضيوف.

 

تمّ توزيع التقرير السنوي للمحمية لعامي 2019 و2020 على الحضور والذي يلخّص إنجازات المحمية لجهة الحفاظ على المشاهد الطبيعية والنظم الإيكولوجية من جهة وتشريك المجتمع المحلي وخلق فرص عمل تضمن استدامته من جهة أخرى اضافة إلى دليل السياحة البيئية في محمية أرز الشوف لعام 2021 الذي يلخّص تجربة العديد من الأنشطة والخدمات في القرى المحيطة بها.

 

ربع أرز لبنان في الشوف

 

أكبر محمية طبيعية في لبنان، تمتد من ضهر البيدر في الشمال إلى جبل نيحا في الجنوب. تأسست سنة 1996 واعلنتها اليونسكو محمية محيط حيوي سنة 2005 واصبحت تضم 22 قرية محيطة من المقلبين الشرقي والغربي لجبل الباروك ونيحا.

 

تشتهر بغابات أرزها الثلاث: غابة أرز معاصر الشوف – غابة أرز الباروك وغابة عين زحلتا – بمهريه. تشكّل غابات الأرز هذه ربع ما تبقّى من غابات الأرز في لبنان، ويقدّر عمر بعض الأشجار بحوالى 2000 سنة. حجم هذه المحمية يجعل موقعها ملائماً للحفاظ على الثدييات متوسطة الحجم مثل الذئب وقطط الغابة اللبنانية، وكذلك أنواع مختلفة من النباتات. كما للمحمية ثلاثة مداخل إضافية وهي قلعة نيحا الأثرية، مدخل جباع ومدخل مرستي. تعد محمية أرز الشوف وجهة شهيرة للنشاطات المتنوعة المتاحة كالسير في الممرات داخل الغابات، والتعرف على النباتات والأشجار، ومراقبة الطيور والحيوانات، والمشي في الثلج، ومراقبة النجوم، والتمتّع بمنظر بانورامي للريف وبحيرة القرعون، يمتدّ شرقاً حتى وادي البقاع وغرباً باتجاه البحر المتوسط. وكما كل عام أطلقت محمية أرز الشوف دليل السياحة البيئية والمستدامة الذي يعرض للضيف عدداً من النشاطات الصديقة للبيئية التي بإمكانه إختبارها، نذكر منها:

 

– المشي على أكثر من 500 كلم من الدروب.

 

– مرافقة النحال أو الراعي الى الأراضي الزراعية.

 

– استضافتهم في أكثر من 28 بيت ضيافة و 10 طاولات ضيافة تقدم الأكل التقليدي.

 

– التعرف على الحرف التقليدية مثل صناعة الصابون والبلاط العتيق والنحت.

 

– مرافقة المزارع إلى أرضه الزراعية وتحضير مائدة طعام تراثي.