استحوذ الإحتفال الذي جرى في قصر الأمير أمين في قصر بيت الدين حيث أعلن الحزب التقدمي الإشتراكي وحلفائه، لا سيما «المستقبل» و«القوات اللبنانية» على اهتمام المراقبين، خصوصاً أن الإعلان تميّز عن باقي الإعلانات المتتالية للوائح من خلال الكلمات التي ألقيت، والتي خلت من أية انتقادات لأية جهة سياسية، بل كانت كلمات سياسية مركّزة على أهمية المصالحة في الجبل. ووفق مصادر مواكبة عن قرب للحراك الإنتخابي في الجبل، فإن الإعتبارات والخصوصيات التي أملت التحالف الإنتخابي الحالي، هي التي أدّت إلى استبعاد شخصيات نيابية حالية، وذلك بصرف النظر عن واقع العلاقات المتينة التي تربط النواب الخارجين من التكتّل مع النائب وليد جنبلاط، وهو ما دفع إلى تمسّك زعيم المختارة بقرار الزيارة للنائب إيلي عون إبن بلدة الدامور، ودعوته إلى المشاركة في احتفال إعلان اللائحة، وذلك بعدما اتّفق الطرفان على أن الظروف الإستثنائية هي التي استدعت عدم الترشّح، مع العلم أن عون سيقف إلى جانب جنبلاط في هذه المرحلة، كما في المستقبل أيضاً، وهو ما أكده للذين التقوه على هامش احتفال قصر المير أمين بالأمس.
أما لماذا كان إصرار النائب جنبلاط في المقابل على بقاء بعض النواب، فقد قالت المصادر نفسها، أنه على صعيد المقعد الدرزي في الشوف، فإن الظروف التي أبقت النواب الحاليين في مواقعهم، وأعيد ترشيحهم إلى جانب تيمور، فإن ذلك قد حصل نتيجة إصرار النائب جنبلاط على استمرار الوزير مروان حماده في موقعه إلى جانب نجله، نظراً لخبرته السياسية وإخلاصه للمختارة، حيث يعتبر الرفيق الأبرز لجنبلاط، إضافة إلى علاقة الوزير حماده الجيدة مع سائر القوى السياسية وعائلات الجبل.
أما بالنسبة للمقعد الكاثوليكي، فقد أتى قرار ترشيح النائب نعمة طعمه، انطلاقاً من موقعه كرجل إعتدال ولدوره في المصالحة في الجبل بمعزل عن الإستحقاق الإنتخابي أو غيره من الإستحقاقات، كما أنه موضع قبول في إقليم الخروب والساحل والشوف الأعلى، فيما لوحظ أن تمسّك النائب جنبلاط بترشيح المحامي ناجي البستاني بعد خصومة سياسية بينهما في كل الدورات الإنتخابية السابقة، ولم تؤدِّ إلى أية إنقسامات أو إرتدادات سلبية على أجواء المصالحة في الجبل، وهو ما ألمح إليه البستاني في كلمته خلال إعلان اللائحة، غامزاً بالتالي من قناة قوى سياسية أخرى تهدّد هذه المصالحة من خلال خطابها الإنتخابي.
أما على خط ترشيح الوزير غطاس خوري، فقد لفتت المصادر نفسها إلى أنه على الرغم من الخلاف ما بين النائب جنبلاط وخوري في بعض المجالات السياسية، فإن وزير الثقافة يبقى صديقاً قديماً للمختارة، وهو الذي كان له دور إجتماعي إلى جانب النائب جنبلاط من خلال الإهتمام بوالدته السيدة مي لدى مرضها، لكن الوزير خوري لم يغفل الإشارة، ولو بشكل عرضي، إلى التغريدات الجنبلاطية السابقة التي استهدفته، خصوصاً وأنه يستند إلى تأييد واسع في قرى إقليم الخروب حيث خزان تيار «المستقبل»، إضافة إلى تأييد قرى بلدات الحرف في الجبل، والتي ينتمي إليها وزير الثقافة.
أما على صعيد المرشّحين في عاليه، فإن إبقاء مقعد درزي شاغر للوزير طلال إرسلان، وصولاً إلى إعادة ترشيح النائب هنري حلو، بموازاة اختيار وجه شبابي جديد هو راجي نجيب السعد، إبن شقيق النائب فؤاد السعد، إنما يأتي في سياق متابعة المسيرة التي بدأها جنبلاط في كل الإستحقاقات الإنتخابية السابقة من خلال حماية العلاقات التاريخية مع عائلات الجبل.
لذلك، وبعد هذه الترشيحات، اعتبرت المصادر نفسها، أن المعركة الإنتخابية المقبلة ستتركّز على المقاعد المارونية في الشوف على وجه الخصوص، وذلك في مواجهة لائحة «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، في حين أن استياء النائب جنبلاط، الذي بدا واضحاً في احتفال إعلان اللائحة من ترشيح الوزير إرسلان شخصيتين درزيتين في الشوف، والذي يصبّ، كما تقول المصادر، في خانة زكزكة جنبلاط، كما أنه يعتبر نذير معركة سياسية وانتخابية بين خلدة والمختارة، بمعزل عن المواجهات الأخرى التي ستجري مع لائحة الوزير السابق وئام وهاب، والتي ستنافس بشكل مباشر لائحة إرسلان ـ «التيار الوطني الحر»، لا سيما وأن الخلافات بين إرسلان ووهاب، قد توازي الصراع بين المختارة والجاهلية.