IMLebanon

كفرقطرة ومعاصر الشوف… العائلات تنتفض على الأحزاب

في معركتين تتَّسمان بالحدّية والحماوة، دخلت كفرقطرة ومعاصر الشوف الانتخابات البلدية، كاسرتين الاتفاق بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الداعي الى تأليف لوائح توافقية والقاضي بدخول المعارك جنباً الى جنب، فـ»المعركة… معركة عائلات» بحسب أبناء القريتين.

في هاتين البلدتين الشوفيتين الصغيرتين، يختلف الوضع كثيراً عن المدن والقرى الكبيرة، فالجميع يعرفون ويراقبون بعضهم، ويحاسبون بعضهم يوم يأتي الحساب، ولا يتأثر الوضع بتحالف «القوات» و«التيار» الذي أحدث تغيّرات في البلدات الأخرى، «فكلٌّ يغني على ليلاه» وينتخب مَن يقتنع به.

كفرقطرة

يبلغ عدد الناخبين المسجّلين على لوائح الشطب في كفرقطرة نحو 1547 مسيحياً و614 درزياً، يقترع منهم نحو 1200، فيما يبلغ عدد أعضاء المجلس البلدي 12 عضواً.

لمَع إسم كفرقطرة في السنوات الماضية حيث فوجئ الجميع بإنتخاب امرأة لرئاسة البلدية، ما دلّ على انفتاحٍ كبير يتمتع به أبناء بلدة جبلية، واحترام لدور المرأة وقدراتها في العمل السياسي. ويعتبر قسم كبير من أبناء البلدة أنّ رئيسة البلدية الحالية ألين نصار لم تُخيّب ظنّ ناخبيها، إذ إنّ المشاريع التي نفّذها المجلس البلدي، خير دليل على قوّة عملها، وقد تعدّ هزيمتها أمراً غريباً بعد فوز لائحتها عام 2010 بلا خرق، وتحقيقها الإنجازات.

بثقة كبيرة تستقبلك نصار في بيتها الذي تحوّل مركزاً انتخابياً مفتوحاً لجميع أبناء البلدة، بالكاد تستطيع محادثتها، وعندما تتطرق الى الانتخابات

البلدية تتحدث عن معركة محسومة بالنسبة لها، فتوضح لـ»الجمهورية»: «حزبياً لست مدعومة من أحد، بل إنّ «التيار الوطني الحر» و«القوات» أصدرا بياناً مشتركاً دعيا فيه الى لائحة توافقية ضد اللائحة التي شكلتها، إلّا أنّ الأهالي لا يلتزمون هذا البيان، لذا فإنّ معركتي عائلية وإنمائية». أما عن الحزب التقدمي الاشتراكي، فتؤكد أنه «يدعمني كعائلات وإنما ليس بقرارٍ رسمي».

لكنّ نصار وعلى رغم نجاحاتها، تعرضت لحملاتٍ دعائية عديدة، وتعتبر في هذا السياق أنّ «الذين يحاربونني هم الطامعون بالمنصب، لكن عندما يؤيّد أهل البلدة بغالبيتهم الإنماء ولائحتي، فهذا ردّ واضح على الشائعات»، مشيرة الى أنّ «نسب الأشخاص الذين يؤيّدونني في هذه الدورة زاد بلا شك».

خلال الأسبوع المقبل ستعلن نصار عن لائحتها، التي إن فازت ستكمل مسيرة الإنماء، إضافة الى النشاطات التي كانت تنظمها كلّ سنة من مهرجانات الى حفلات وغيرها، كما سيكون هناك مركز بلدي جديد بدلاً من المركز المُستأجر حالياً، ومشروع توسيع الطريق من مدخل «المعاصر» حتى «عمّيق»، وتحسين الطرق وتجميل البلدة، إضافة الى معالجة النفايات.

اللائحة المنافسة

زياد نصار إسمٌ جديد في معركة الانتخابات البلدية في كفرقطرة بعدما كان أخوه رئيساً للبلدية في الدورة ما قبل الأخيرة، وهو يقول لـ»الجمهورية» عن سبب ترشحه بدلاً منه: «عطول لازم يكون في دم جديد»، لافتاً إلى أنه «مدعوم من أهالي كفرقطرة وليس من حزب معيّن، ولا أعتقد أنّ السياسة تدخل في لعبة البلديات الصغيرة إلّا بشكلٍ بسيط».

ويؤكد نصار أنّ مشروعه يقضي بـ«العمل على جعل المجلس البلدي مؤسسة تعمل كخليّة واحدة بمجموع أفرادها بعيداً من الشخصانية، ومواكبة متطلبات أهالي البلدة، إضافة الى التوصل الى شفافية مالية تامة، والعمل على الصعيد الاجتماعي والزراعي والأمني والبيئي والخدماتي، وإعادة النظر في قرار تصنيف الأراضي، وفتح مدرسة رسمية يتعلّم فيها الأهالي مجاناً من دون «جميلة حدا». وإذ يبدي ارتياحه في المعركة، يؤكد أنها «ليست مزحة»، لكن علينا تقديم برنامجنا، وعلى الأهالي اختيار الأحق في الوصول».

ويشدّد نصار على أنّ «لائحتي تضمّ كلّ العائلات ووجوهاً جديدة لم تكن بغالبيتها في المجالس السابقة، فالتغيير أمر لا بدّ منه»، مؤكداً «أنني لا آخذ قراراً بمفردي، فأنا أشجع العمل الجماعي».

الأحزاب

«بكلّ فخر نحن ندعم الرئيسة ألين نصار حتى الآخر، وغالبية شباب «القوات» من رأيي»، بهذه العبارة يبدأ منسق «القوات» في كفرقطرة بشارة الخوري حديثه، مؤكداً لـ«الجمهورية» أنّها «المرة الأولى التي تشهد فيها البلدة أعمالاً مماثلة، وللمرة الأولى نشعر بوجود بلدية حقيقية من كلّ النواحي، مع احترامنا لجميع الذين مرّوا».

ويوضح: «بصرف النظر عن البيانات التي أصدرتها القيادات الحزبية في البلدة، لكنّ المعركة تكون عادةً عائلية ونسبة الملتزمين بالقرارات الحزبية أقل بكثير من نسبة غير الملتزمين».

بدوره، يؤكد منسق «التيار الوطني الحر» في البلدة جوزف أبي ناصيف أنّ «الأمور ذاهبة الى منحى عائلي، فبلدتنا صغيرة ولا تتحمّل أن تتدخّل الأحزاب فيها بشكلٍ كبير»، موضحاً لـ«الجمهورية» أنّ «الصورة لم تتبلور بعد، فحتى العائلات مقسومة على بعضها، لكنّ هناك احتمالاً كبيراً في أن تفوز الرئيسة الحالية، بما أنّ الصوت الدرزي له ثقله في كفرقطرة وهو بغالبيته يصبّ لصالحها، خصوصاً إذا دعمها «الإشتراكيون».

أما منسق الحزب التقدمي الإشتراكي في كفرقطرة وليد يزبك، فيعتبر أنه «من المبكر حسم توجهات الحزب، لكن كانت لنا تجربة مع الإنماء في البلدية الحالية، وعلى الأرجح ستسير غالبية العائلات الدرزية في انتخاب لائحة ألين نصار مرة جديدة، إلّا أنّ القرار لم يصدر رسمياً».

معاصر الشوف

في معاصر الشوف تظهر معادلات إنتخابية مغايرة، فمنذ عودة المسيحيين إليها تولّوا رئاسة المجلس البلدي مع الرئيس الحالي شارل نجيم، حتى الدورة الأخيرة حيث انتفض الدروز مطالبين بالمناصفة والمداورة، وبات يُنتخب رئيس مسيحي لثلاث سنوات ويكون نائبه درزياً، ليعود ويُنتخب رئيس درزي مختلف عن نائب الرئيس السابق لثلاث سنوات أخرى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نائبه المسيحي، ويكون 8 من الأعضاء دروزاً كونهم يشكلون ثلثي عدد الأهالي، و7 مسيحيين كونهم يشكلون الثلث، إضافة الى مختار درزي وآخر مسيحي، والجدير بالذكر أن لا خلاف فعلياً بين أعضاء اللائحتين المشاركتين، وإنما الخلاف الأساسي هو على من يرأس البلدية.

وسيكون المسيحي هذه الدورة رئيساً للمجلس، في بلدة عملت جاهدة على عودة العيش المشترك بين أبنائها بعد الحرب، ووصلت التسويات الى البلدية لإرضاء مختلف الأطراف.

إسمان يتنافسان على رئاسة البلدية، الأول هو المحامي جورج شكر الذي دخل العمل البلدي منذ 18 عاماً، ويقول لـ»الجمهورية» أن «لا أحزاب تتدخل في الانتخابات إنما العائلات هي الطاغية، وكلٌّ حسب حجمها»، معتبراً أنّ «المعركة موجودة إنما الأجواء ستهدأ في الساعات الأخيرة».

وعن احتمال أن يكسر «التشطيب» التوازنات المذهبية، يتخوّف شكر من الموضوع، مستطرداً: «دخلنا بعرف المداورة والمناصفة مع العائلات الدرزية لإرضاء أكبر عدد ممكن من الناس». وينفي وجود «مشكلات سياسية في البلدة إنما تجاذبات عائلية أحياناً إلّا أنّ «الدني بتساع الكل»، والجميع يعمل لمصلحة البلدة».

يركّز شكر في برنامجه الانتخابي على تحقيق إنماء متوازن على كلّ الأصعدة من مياه الى خدمات وتحسين طرق، وإعادة النظر في أسلوب التخطيط العام… إضافة الى تحصين الوحدة الداخلية وإنشاء لجنة نسائية وإشراك الشباب في القرار، واستخدام التكنولوجيا للإجراءات البلدية.

حدة المعركة

أما اللائحة المنافسة، فيترأسها الدكتور جورج عربيد الذي يؤكد لـ»الجمهورية» أنه لم يسمع حتى الآن عن أيّ دعم لأحد من قبل الأحزاب، وهو غير متخوّف من أن تؤثر عملية «التشطيب» في التوازنات المذهبية، «لأنّ التوازن المذهبي هو قناعة راسخة لدى الجميع».

ويوضح عربيد «أن لا مشكلة سياسية في البلدة منذ العودة، ونحن ممَّن يعملون على توطيدها»، مؤكداً أنّ «المعركة تسير مساراً ديموقراطياً، والجميع يتمنى الأفضل للبلدة».

وعن مشروعه الانتخابي، يعتبر عربيد أنه «مقتنع بأهمية البرنامج الذي سيظهر بعد ايام، إلّا أنّ المهم في هذه المرحلة هو ثقة أهالي البلدة بقدرات المجلس البلدي المقبل، على أن تستفيد البلدة من كامل الصلاحيات المعطاة لها قانوناً»، مبدياً «تفاؤلاً كبيراً والعمل الجاد أمامنا».

«القوات» و«التيار»

يَعمل منسق «القوات» في معاصر الشوف مخايل حداد جاهداً لتحقيق التوافق الذي يعتبره صعباً، «لأنّ العائلات مقسومة على بعضها»، موضحاً «أنّ «القواتيين» ترشّحوا في اللائحتين، ما يعطينا سبباً إضافياً للوقوف على الحياد وعدم دعم لائحة ضدّ الأخرى، تاركين حرية الاختيار للأهل».

ويشير حداد عبر «الجمهورية» الى احتمال «التشطيب» في هذه الدورة لأنّ هناك نقلة نوعية لناحية الرئاسة من نجيم الذي ترأسها لـ15 عاماً الى شكر وعربيد». أما مسؤول الماكينة الانتخابية في «التيار الوطني الحر» في الشوف شادي أبو رجيلي، فيؤكد «أنّ «التيار» لم يأخذ طرفاً في أيّ بلدة في الشوف تاركاً القرارات للعائلات، خصوصاً أنّ «التيار» مرشح في اللائحات المنافسة لبعضها، وكذلك الحال مع «القوات»».

«الاشتراكي»

لطالما كان للدروز في هذه البلدة الصوت المرجّح لتحديد الأقوى انتخابياً، كونهم يشكلون نحو 1800 صوت يشارك منهم نحو 900 في الانتخابات في مقابل نحو 1200 صوت للمسيحيين يشارك منهم نحو 350، ويُقال إنّ الدروز قد يختارون 8 أعضاء من طائفتهم من دون أن يدخلوا في المعركة، بحيث يضمّونهم للفريق الذي يفوز، إلّا أن لا قرار رسمياً حتى الآن.

مسؤول «الاشتراكي» في معاصر الشوف رفعت عزام يوضح أنّ «ما يهمّ الحزب هو تكريس مبدأ المناصفة والمداورة مع غضّ النظر عن عدد الأصوات، ولم ندعم أحداً بما أننا نفضل التوافق، حيث تكون هناك لائحة مسيحية موحدة ولائحة درزية تنسجم معها، على أمل أن نصل الى التزكية، لكن إن لم يحصل ذلك فالحزب لن يدخل في الخيار، وليفز الأقوى».