رأى مصدر سياسي مواكب بأنّ كلام الرئيس عون يُعطي اليوم ضمانة لكلّ القلقين والمشكّكين بمستقبل لبنان لجهة استمراره شخصياً في العمل على تحقيق الإصلاح المنشود وبناء الدولة التي يريدها الشعب. لكنّه في الوقت نفسه، حذّر النوّاب من عواقب تسميتهم للرئيس المكلّف، لا سيما الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري، على اعتبار أنّه خسر سنة و14 يوماً من ولايته بسبب تأليف الحكومات وتحديداً مع الحريري نفسه، إذ عليهم تحمّل مسؤولية تسميتهم وانعكاسها على الوضع الداخلي وإمكانية تحقيق الإصلاحات المطلوبة. كذلك ألمح الى أنّ ثورة 17 تشرين التي رفعت شعار «كلّن يعني كلّن» وشملت الصالح والطالح من السياسيين قد لا تقبل بعودة الحريري.
ولكن رغم ذلك أشار المصدر الى أنّ الرئيس عون لن يكون الجهة المعرقلة، على ما اتُهم كونه أجّل الإستشارات النيابية أسبوعاً بهدف حلّ بعض الصعوبات، فيما كان يريد أن يتمّ التوافق على التأليف قبل التكليف، لكي لا تأخذ عملية التشكيل وقتاً طويلاً. ولهذا دعا الى الإستشارات اليوم، وسيقوم بتكليف من ستسمّيه الكتل النيابية التي عليها أن تتحمّل مسؤولية هذه التسمية، كونه لا يضع «فيتو» على أحد.
وأوضح المصدر نفسه، بأنّ ما قام به الرئيس عون يُظهر فعلاً أنّه الحكم، وليس طرفاً في اللعبة السياسية والدليل أنّه لم يُعطّل البلد لأنّ «التيار الوطني الحرّ» الذي يقوده صهره النائب جبران باسيل يرفض تسمية الحريري. كما أنّه لم يقم خلال الأسبوع الماضي بأي مبادرة للتقريب في وجهات النظر بين الحريري وباسيل كونه ليس طرفاً، فيما سعى بعض الأصدقاء المقربين من الرجلين الى إقناعهما بضرورة عقد لقاء بينهما لكنّهم فشلوا. ورغم ذلك، لم يؤجّل الإستشارات بل قام بما ينصّ عليه الدستور ودعا اليها، كما سيعترف بنتائجها أيّاً يكن الإسم الذي سينال الأكثرية للتكليف.
ويرى المصدربأنّ الرئيس عون الذي غالباً ما يُحمّل مسؤولية عدم محاربة الفساد وعدم إعادة الأموال المنهوبة ووصول الوضع الإقتصادي والنقدي المتردّي في البلاد الى ما هو عليه اليوم، رمى الكرة هذه المرّة في ملعب الرئيس المكلّف، الذي سلّم بأنّه سيكون الحريري، كما في ملعب النوّاب الذين سيسمّونه اليوم كونه لا يملك بيده لا السلطة التنفيذية ولا التشريعية، وإن كان رئيس البلاد. وكما لفت الى أنّه ليس على الشعب أو دول الخارج تحميل الرئيس عون مسؤولية كلّ ما وصلت اليه الأوضاع في البلاد جرّاء 30 عاماً من الفساد والإهمال وسرقة أموال الشعب وما الى هنالك.
وفيما يتعلّق بشكل الحكومة التي سيُشكّلها الرئيس المكلّف، شدّد المصدر على أنّ الرئيس عون لا يهمّه شكل الحكومة أو نوعها، أكانت تكنوسياسية أو غير ذلك، ما دام جميع المسؤولين يتحمّلون مسؤولياتهم. فالأولوية لديه للتوافق سريعاً على تأليف حكومة إنقاذية قادرة على تحقيق الإصلاحات لكي لا يفوّت لبنان عليه كلّ المبادرات الدولية تجاهه والتي من شأنها إنقاذه من الوضع السيء الذي وصل اليه.
وعمّا إذا كان الحريري سيُشكّل حكومته من دون موافقة أو مشاركة الطرفين المسيحيين الأكبر في البرلمان، سيما وأنّ الأطراف الأخرى قد اتفقت معه على تسميته ومن ثمّ تسمية وزرائها في الحكومة، يجيب المصدر نفسه بأنّ الميثاقية لا بدّ وأن تُؤمّن في عملية التأليف وليس التكليف. ولهذا فإنّ «التيّار الوطني الحرّ» سيكون جاهزاً للمشاركة في الحكومة في حال جرى التعامل مع جميع المكوّنات السياسية بحسب تمثيلها وبالمعادلة نفسها، فعدم التسمية بالنسبة إليه لا يعني عدم المشاركة في الحكومة. فيما موقف «القوّات اللبنانية» لا يزال حتى الآن، عدم تسمية الحريري وعدم المشاركة بالتالي في حكومته.
وفي الوقت الذي حذّر فيه الرئيس عون من أن يُصبح لبنان في عزلة، أو فتات على مائدة مصالح الدول والتفاهمات الكبرى، بسبب السياسات التي ينتهجها السياسيون وبسبب توقيع الإتفاقيات ورسم الخرائط وتنفيذ السياسات التوسعيّة أو التقسيمية، يجد المصدر نفسه أنّ العواصم الغربية لا سيما واشنطن وباريس لا تحبّذان أن يتمّ استبعاد المكوّنين المسيحيين الأكبر. على أنّ واشنطن تفضّل تشكيل حكومة لا يكون لحزب الله دوراً فاعلاً فيها، على ما كانت عليه حكومة الرئيس حسّان دياب التي لا تزال تُصرّف الأعمال حالياً الى حين تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب وجهة النظر الأميركية، فيما باريس لا تُمانع من مشاركة الحزب فيها كونه شريك في الحياة السياسية