Site icon IMLebanon

غياب التوافق المسيحي هو العامل الوحيد لإستمرار الشغور الرئاسي؟

إلتزام عون بمشروع حزب الله الداخلي والخارجي حال دون إنتخابه رئيساً

غياب التوافق المسيحي هو العامل الوحيد لإستمرار الشغور الرئاسي؟

لم يقم عون بأي إجراءات لبناء الثقة وإزالة الهواجس لدى الأطراف المحلية والخارجية

منذ عقدين وتحديداً بعد اتفاق الطائف أخذت الشكوى تتزايد في صفوف المسيحيين اللبنانيين، والذي سوّق لهذه الشكوى هي القيادات منهم، فالقوى السياسية المسيحية اتخذت من «نفي» صاحب أكبر قاعدة جماهيرية ميشال عون، ومن سجن المسيحي القوي سمير جعجع عنوانين لتسويق الشكوى والإحباط، متجاهلين أن «الوصاية» السورية من 1976 ولغاية 2005 عملت على «تحجيم» دور المسلمين «السنّة» و«الدروز» وقتل قياداتهم، فنهج «الوصاية» القمعي واللاديمقراطي نقل ذات التجربة في سوريا إلى لبنان حيث طالت كافة المكونات باستثناء حلفائها من الطائفة الإسلامية «الشيعية».

وهذه الشكوى من المكوّن «المسيحي» استمرت حتى بعد رحيل «الوصاية» السورية عن لبنان عام 2005 متخذة من صلاحيات رئيس الجمهورية عنواناً لها.

فالقيادات المسيحية من أحزاب ونواب يتجاهلون أن حالة الإحباط في الشارع المسيحي ليست عائدة لنزع بعض صلاحيات رئيس الجمهورية، التي وضعها الطائف في مجلس الوزراء، وليس عند رئيس الحكومة، بل إلى الخلافات الحادّة بين هذه القيادات، وزادت حالة الإحباط هذه في الشارع المسيحي بعدما عطّلت هذه الخلافات إنتخاب رئيس الجمهورية، فالشغور في موقع رئاسة الجمهورية مستمر منذ عام مضى، ولا يوجد في الأفق ما يُشير إلى إزالة هذه العقبات التي تحول دون انتخاب رئيس البلاد.

عندما بدأ الحوار المسيحي – المسيحي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منح هذا الحوار اللبنانيين «بعض» التفاؤل، وزاد منسوب هذا التفاؤل بعد إعلان الطرفين التوصّل إلى طي صفحة الخلافات، وأن لا عودة للماضي، بل هناك تفاهم وتنسيق بينهما.

ما يعلنه كل من التيار الوطني والقوات اللبنانية حول سبب جعل ملف رئاسة الجمهورية البند الأخير على جدول الحوار بينهما، مقنع وسليم وجيّد، فهما أعادا التواصل وعملا على بناء الثقة أولاً، ولكن في مراجعة لجميع مواقف قيادات التيار الوطني والقوات اللبنانية بعد إعلان «التفاهم بينهما وبناء الثقة» نرى أنه لم يصدر أو يرشح عن أي من هذه القيادات ما يُشير إلى إمكانية التفاهم بين الفريقين على مرشّح واحد لرئاسة الجمهورية.

فالوقائع تؤكد أن التيار الوطني ما زال غير قابل، بل ليس لديه أي استعداد لمناقشة إنسحاب ميشال عون من السباق الرئاسي، كما لا يوجد لديه أي قبول بحضور جلسة انتخاب الرئيس وخوض معركة التنافس مع مرشحين آخرين.

من جهة ثانية، الوقائع تؤكد ان القوات اللبنانية لا يوجد لديها أي استعداد (رغم التفاهم الحاصل على بقية العناوين ورغم اقتراب إعلان ورقة النوايا الحسنة بين الفريقين، واقتراب عقد لقاء يجمع ميشال عون وسمير جعجع)، ولو واحد بالمئة لانتخاب ميشال عون رئيساً، فهي رغم ما حصل من توافق بينهما لم «تسلفه» لا بموقف ولا حتى بكلمة واحدة ايجابية!!

أعلن ميشال عون أكثر من مرة ان السعودية تضع «فيتو» على انتخابه رئيساً.

من الممكن ان يكون لدى المملكة العربية السعودية تحفظ أو اعتراض على انتخاب عون رئيساً للجمهورية، باعتبار ان عون هو اقوى حليف لحزب الله، وانها تخشى من سيطرة إيرانية على جميع مفاصل الدولة اللبنانية في حال تمّ انتخابه.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو بعد عام من «التعطيل» وقصر بعبدا خال من الرئيس ماذا عمل ميشال عون لإصلاح العلاقة مع السعودية؟ وما هي الإجراءات والمواقف التي اتخذها ليزيل «هواجس» المملكة إن كان لديها هواجس؟

نجح عون في إقامة حوار مع الرئيس سعد الحريري وهو مستمر منذ عام مضى، وهذا الحوار أنتج علاقات هادئة مع تيّار المستقبل، ولكن هل العلاقة الهادئة مع تيّار المستقبل كفيلة بإزالة «هواجس» المملكة؟

فإزالة الهواجس تتطلب مواقف وإجراءات لم يقدم عليها ميشال عون حتى الآن (لا يكفي للخائف كي يطمئن ان تقول له لا تخف، بل يجب القيام بإجراءات ملموسة تزيل هذا الخوف)، فعون مازال على مواقفه السابقة، ويعلن ان ما بينه وبين حزب الله أكثر من تحالف، فهو يغطي سلاحه لبنانياً، ويؤيد وبشدة ما يقوم به حزب الله في حربه ضد الشعب السوري، ويعلن تأييده لسياسات واعمال الحزب في اليمن وغيره.

فعون لم يقدم على أي اجراء لكي يطمئن الأطراف الخارجية والداخلية.

كما ان عون لو نجح في حواره الداخلي وتحديداً مع القوى المسيحية وبالتالي التوافق على تأييد ترشحه للرئاسة لتم انتخابه رئيساً للجمهورية، فأمام التوافق المسيحي على شخصه رئيساً لا يمكن لأي قوى خارجية لا السعودية ولا غيرها تستطيع تعطيل انتخابه.

ميشال عون صاحب «القاعدة الصلبة» من الجماهير التي عقدت له لواء القيادة منذ حوالى ثلاثة عقود من حقه الشرعي والشخصي والشعبي ان يكون سيداً لقصر بعبدا، ولكن ما يحول لغاية الآن دون ذلك هو السياسات، وتحديداً التزامه بسياسات حزب الله.

ليس من الصواب نكران على قيادي وطني كبير كميشال عون نسج تحالفاته الوطنية والخارجية، فهذا أمر طبيعي، ولكن من صدق القول الإشارة إلى ان مشروع عون السياسي لا يتطابق مع مشروع حزب الله الداخلي والخارجي، وأن عون لو استطاع ان «يفصل» رؤيته والتزامه الوطني عن مشروع حزب الله الممتد من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن وغيرها، والذي أي مشروع الدولة الإسلامية في ايران العاملة على تحديد جغرافية هلالها الشيعي (آخر تصريح في ذلك أمس لقائد الحرس الثوري الإيراني محمّد علي جعفري)، لو استطاع عون تأكيد هذا الفصل لكان منذ شهور أو سنوات فخامة الرئيس عون، سيداً لقصر بعبدا مع لقب الفخامة.

كل ذلك أدى إلى حالة إحباط في الشارع المسيحي، فالقضية أولاً وآخراً هي عند «مربط» توافق القيادات المسيحية، وليس عند الآخرين مهما كان حجمهم ودورهم.