Site icon IMLebanon

المناطق المسيحية تشعّ بأضواء الميلاد… والظلام يلفّ قصر بعبدا والشرق

بعدما سيطرت البرودة على استحقاق رئاسة الجمهورية، لا تزال الأنظار متّجهة الى الأفق الذي سيبلغه ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، والإتجاه الذي ستسلكه الأمور خصوصاً مع كثرة التعقيدات الداخلية والإقليمية وعدم القدرة على حلّها حتى الساعة.

تمنّى المسيحيّون أن يحمل لهم عيد الميلاد هذه السنة بشارة اتفاق اللبنانيين على رئيس للجمهورية لتعود الأضواء الى قصر بعبدا ويشعروا بالأمان ويطمئنّوا الى وجود الدولة بهيكليتها الكاملة، وأن تعود المؤسسات الى العمل وعلى رأسها رئاسة الجمهورية التي هي في التركيبة الدستوريّة اللبنانية الرئاسة الأولى وتتبعها الرئاستان الثانية (مجلس النواب) والثالثة (مجلس الوزراء).

اعتاد اللبنانيون عموماً، والمسيحيون خصوصاً فكرة أنّ رئاسة الجمهوريّة باتت منصباً شرفيّاً، لا دور لها في الحياة السياسية والدستورية، ومهمتها محصورة بمنح الأوسمة للمتفوّقين واستقبال رؤساء الدول وتمثيل لبنان في المحافل الخارجية.

لكن فاتهم أنّ الرئيس ما زال يتمتّع بصلاحيات كبيرة، وهي طبعاً غير الصلاحيات التي كان يتمتّع بها قبل اتفاق «الطائف»، لكنها في الوقت نفسه تُؤهّله أن يلعب دور الحاكم والحكم معاً.

والخطورة في ترداد المسيحيين مقولة «المنصب الشرفي» هي أنها تجعلهم مواطنين درجة ثانية وضيوف شرف في وطن بَنوه ووسّعوا حدوده وساهموا في نهضته، لأنّ الرئاسات والمناصب مرتبطة بالطوائف والمكونات السياسية في بلد الأرز.

وفي ظلّ ما تشهده الساحة اللبنانية والدولية من اتصالات هادفة الى حلحلة العقد الرئاسيّة، تبقى فرنسا، الدولة الاولى أوروبياً، تعمل لإنجاز هذا الإستحقاق، وتتمسّك بخيط أمل يُنهي هذه المشكلة المستعصية.

وقبل ظهور ما عُرف بمبادرة انتخاب فرنجية، كانت فرنسا في قلب الحدث الرئاسي، إن كان من خلال زيارات وزير خارجيتها لوران فابيوس الى طهران، أو من خلال الزيارة الأخيرة لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه الى إيران، حيث حضر الملف اللبناني وانتخاب الرئيس في صلب المحادثات مع المسؤولين الإيرانيّين.

وفي دليل على المتابعة الفرنسيّة المستمرّة للملف الرئاسي، إتفق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعدما استقبله في قصر الاليزيه، على إنشاء خط اتصال ساخن بينهما من أجل متابعة التطورات الدائمة المتصلة بالملفّ الرئاسي. فكانت الإتصالات شبه أسبوعيّة، والتنسيق على أكمل وجه حيث يستمرّ هولاند والراعي في تبادل الافكار والبحث في كلّ المعطيات الداخلية والخارجية المحيطة بهذا الملف.

وعلى رغم تعرّض باريس لأعمال إرهابية وتصويبها المعركة في اتجاه القضاء على الإرهاب، إلّا أنّ الإستحقاق الرئاسي اللبناني بقيَ في سلّم أولوياتها، لكن لا زيارة قريبة لهولاند الى بيروت.

وينقل زوّار الإليزيه عن الرئيس الفرنسي تأكيده أنّ الزيارة لمجرّد الزيارة لن تحصل، وانّ مجيئه الى لبنان يجب أن ينتج عنه انتخاب رئيس وحلّ عقدة الرئاسة، وقد كانت الزيارة مقرّرة في تشرين الماضي لأنه كان من المتوقع التجاوب مع المساعي الفرنسية، لكن حتى الساعة لم يظهر أي شيء على رغم طرح مبادرة انتخاب فرنجية.

وتستمرّ الديبلوماسية الفرنسية في عملها في الخارج ولبنان، وفي هذا الإطار زار السفير الفرنسي ايمانيول بون الزعماء الموارنة الأربعة في محاولة لحضّهم على انتخاب رئيس وتحريكهم من أجل فعل شيء لأنه لا يمكن أن يستمرّ الوضع بهذا الشكل. وتأتي الدعوة الفرنسية مع دعوات أخرى توجّه الى الزعماء الموارنة وبقية الأطراف اللبنانية لصوغ تفاهم لبناني- لبناني وعدم الذهاب الى المجهول السياسي.

لن تضغط باريس على الزعماء الموارنة للقبول بهذا المرشّح او رفض ذاك. من هنا، وفي زمن الميلاد تتضاعَف المسؤولية على الموارنة، قادة المسيحيّة المشرقيّة، الذين يعطون مثالاً في بلداتهم ومدنهم عن الشرق المضيء بزينة الميلاد، فمَن يأتي من الجوّ يرى الشرق يغرق في الظلمة والظلام والعنف والقتل والإرهاب، بينما تشعّ جونية وجبيل والاشرفية وزحلة وجزين والبترون وبقية المناطق المسيحية بأضواء الميلاد وفرح العيد. لذلك، فإنّ حفظ الجمهورية يبدأ بانتخاب رئيس لها، وتعطيل التسويات والصفقات لا يكفي وحده، بل المطلوب إنتاج حلول.